كانت مادة صحافية مغرية تلك التي (قال) فيها الجهاز المركزي للمعلومات (برفض) إعادة توزيع الدوائر الانتخابية حتى لا تكون العملية لعبة في أيدي الجمعيات والتكتلات السياسية، على مدى سنين طويلة، وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة حتى قبل توزيره، عندما كان مسئولاً مسئولية مهمة وحساسة في الجهاز المركزي للإحصاء ثم الجهاز المركزي للمعلومات، وما أدراك، عهدناه صريحاً ومباشراً وتنطلق المعلومات في تصريحاته موثقة غير متوارية، إلا أن المادة الصحافية المغرية، التي اختفت الشخصية الاعتبارية التي أدلت بالمعلومات وراء ستارها، جاءت في وقت غير ملائم، حتى وإن كان متعمداً، وأخطر ما فيها أنها اعتبرت توزيع أو إعادة توزيع الدوائر الانتخابية أمراً من سابع المستحيلات. .. بعد أن ساق (القائل في التصريح) نصوص مواد قانونية في هذا الشأن. أول نقطة تثير التساؤل من وراء ذلك التصريح: «هل يمكن القبول بعدم أو استحالة اجراء توزيع أو إعادة توزيع الدوائر الانتخابية، حتى بعد اكتشاف خطأ جسيم في التوزيع ذاته في المستقبل مثلاً؟»، ثم لماذا اقتصرت تلك المادة على الإشارة إلى رغبة بعض النواب بالقول نصاً: «إن الدوائر الانتخابية حددت بمرسوم رقم (29) لسنة 2002، أي لم يمض على تحديدها أكثر من سنتين ونصف تقريباً، فإنه لا مجال والحال هذه لتحقيق رغبة بعض النواب في إعادة توزيع الدوائر الانتخابية في الوقت الحاضر» (انتهى النص)، ولكن في نهايته جواب: أي بالإمكان إجراء التعديل… إن ليس في الوقت الحاضر، لكن مستقبلاً، فهذه الرغبة، ليست رغبة بعض النواب كما جاء في ذلك النص، ولكنها أيضاً قضية شغلت اهتمام الجمعيات السياسية التي لا يمكن بأي حال من الأحوال استثناؤها أو اعتبارها صفراً على الشمال في مجتمع ينشط كل يوم في حراكه السياسي. ليس المهم أن نسأل لماذا جاء التصريح في هذه الفترة؟ فبقليل من التحليل والقراءة المتأنية سنحصل على الإجابة، بيد أن الجانب المهم، هو هل جاء اعتراض الناشطين السياسيين والجمعيات السياسية على توزيع الدوائر الانتخابية اعتباطياً، من دون مسبب وبلا دوافع، وإذا لم تكن هناك مشكلة في التوزيع ذاته، فلماذا يصدر مثل هذا البيان، ما يمكننا تقديمه هنا، في هذه العجالة تعقيباً على ما ورد، ومن أجل ألا يترك المجال لاستغلال الدوائر أو توزيعها للعبة سياسية هنا، ولعبة وقتية هناك، وتمثيلية هنا ومشهد مسرحي سياسي هناك، وموقف حكومي في تلك الناحية، وموقف معارض من ناحية أخرى، فإن مسألة إعادة توزيع الدوائر الانتخابية في البلد قضية يجب النظر اليها من منظور القابلية للتصحيح، وسيأتي الحديث عن هذه النقطة مستقبلاً