سعيد محمد سعيد

استقبال العام الجديد بوجع لم يكن مفاجئاً!

 

كم كان بودِّنا كمواطنين ننتظر المفاجآت السارّة، أن نودّع العام 2010 ونستقبل العام الجديد 2011 بالأمنيات السعيدة والأخبار التي تشيع الفرحة والسرور في نفوس كل المواطنين… بل والمقيمين أيضاً في هذه البلاد الطيبة، لكن الألم (ألمَّ) بنا ونحن نطالع تفاصيل تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير، وهو وجع لم يكن مفاجئاً لأن التقارير السنوية التي اعتدنا مطالعتها كشفت على مدى السنوات الماضية هذا الوجع دون علاج ناجع يريح الوطن من فيروسات فساد تنخر في جسده.

من حق كل الجهات التي شمل التقرير تجاوزاتها وفضائحها أن تنشط وتعكف وتشمّر عن سواعدها لنفي ما ورد في التقرير، وتصدح بأنشودة الأمانة الوطنية والحفاظ على المال العام وتقديم سيل من الدفوع والتبريرات و…و…، لكن الشجاع منها، والمخلص في حبه لوطنه، هو من سيعترف بأن أخطاءً جسيمةً وقعت، ولابد من تقديم كل من تجاوز حدوده وعبث بالمال العام إلى المساءلة القانونية والعدالة.

ومع أن الوجع ليس خافياً، لكن لا بأس من أن نستقبل العام الجديد بالدعاء إلى الله عز وجل لأن ينعم على بلادنا، ملكاً وحكومةً وشعباً، بالاستقرار والأمان والخير، وأن يكون عاماً مليئاً بالأخبار السعيدة وخصوصاً تلك المتعلقة بتحسين معيشة المواطنين في ظل توجس وقلق ما سيأتي من تحميل أثقال إضافية على عاتق المواطنين، غير أن هناك ما يتوجب قوله في شأن موقف الدولة من التجاوزات والمخالفات الفضائحية التي ضجّ بها تقرير الرقابة المالية والإدارية، فقد كلف سمو رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة (اللجنة الوزارية للشئون المالية والاقتصادية بدراسة كل الملاحظات والمخالفات التي أوردها التقرير عن الوزارات والأجهزة الحكومية الخاضعة لرقابته، وأن تقدم إلى مجلس الوزراء مرئياتها وتوصياتها بشأنها تمهيداً لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية ودستورية تكفل الحفاظ على المال العام وحمايته من أي هدر وتلاعب)، وأن يكونوا على مستوى المسئولية (التاريخية) لترجمة ما قاله سمو رئيس الوزراء بعدم السماح (بأي تجاوز أو عبث بالأموال العامة، وإن التجاوزات لن تمر دون تحقيق ومساءلة إدارية وقانونية)، وننتظر من اللجنة الموقرة أن تضرب بيد من حديد كل من عبث بالمال العام عبثاً لا يتحمله قلب المواطن الذي ذاب فؤاده وهو يترقب الخدمات الإسكانية وعلاوة الغلاء وتحسين الأجور بلا طائل، في حين أن هناك من لعب بالمال العام دون أدنى مسئولية شرعية أو وطنية.

وبالنسبة للسادة النواب، فإن التقرير يمثل اختباراً حقيقياً لهم في مستهلّ دورتهم الجديدة، ولا يكفي أن تؤكد بعض الكتل على أن التقرير يؤكد (التخبط الحكومي في أغلب الوزارات ويؤشر إلى خلل في أغلب الوزارات وتجاوزات كبيرة في معظم الوزارات)، فهذه النتيجة هي النتيجة الأكبر التي توصّل إليها التقرير ولا تحتاج إلى كشف إضافي، بل والتقارير السابقة أيضاً، إلا أن المنتظر منهم أن يثبتوا للمواطنين أنهم لن يكتفوا بتشكيل لجان التحقيق والأسئلة التي تملأ صفحات الصحف، وأن يُحدثوا هزّة قوية تعيد حقوق الوطن والمواطنين إلى نصابها من خلال فضح الرؤوس الكبيرة التي نامت مستريحة وهي تعبث بالمال العام، أياً كان موقعها، من خلال التواصل مع اللجنة المكلفة وجمع المعلومات والتدقيق فيها وإعداد التقارير، وحتى يرتاح المواطن البحريني، ننتظر كشف كل الرؤوس التي تجاوزت حدودها كثيراً كثيراً… فهل سيشهد العام 2011 موجة حقيقية تجرف اللصوص؟

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *