سعيد محمد سعيد

يا حكام العرب… الاضطرابات قادمة!

 

(الخبز خط أحمر)… ذلك هو الشعار الذي رفعه آلاف الأردنيين يوم أمس الأول الجمعة في عمان ومدن أخرى في موجة احتجاجية على البطالة وغلاء الأسعار، وكانت المحطة الأولى لانطلاق تلك الموجة الاحتجاجية هي فترة ما بعد صلاة الجمعة.

ويوم الجمعة ذاته، الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني 2011، شهد أولى وأكبر مفاجآت العام الجديد في العالم العربي، بعد أن أطاحت الانتفاضة الشعبية التي شهدتها تونس بالرئيس زين العابدين بن علي، ليتولى رئيس الوزراء محمد الغنوشي السلطة في تونس بشكل مؤقت، وعد فيها بتنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أعلن عنها مسبقاً بالتشاور مع قوى المعارضة.

ويبدو أن الكثير من الحكام العرب على موعد مع الاضطرابات الشعبية بعد أن ضجّت الشعوب العربية من مسكنات الألم (المؤقت) لكل الأوجاع التي تعاني منها تلك الشعوب بدءاً من الخبز انتهاءً بحقوقهم الكاملة في الحياة، وقد أوجزت صحيفة «البلاد» الجزائرية في افتتاحيتها القصيرة يوم الجمعة أيضاً التحذير من اتساع نهر الدماء في تونس وتساءلت عن سبب اغتياظ الحكومات العربية من مطالب الشعوب، فتزايد سقوط الضحايا والإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين مؤشر على أن الأوضاع تتفاقم من يوم لآخر، وطرحت الصحيفة عدة تساؤلات: «لماذا تغتاظ الحكومات في بلادنا العربية من مطالب الشعوب المنادية بالديمقراطية وفتح المجالين السياسي والإعلامي؟ لماذا تنفتح هذه الحكومات اقتصادياً وتنغلق سياسياً؟ ولماذا تزيد الديمقراطية من قوة الأمم والشعوب في الغرب بينما يعتبرها الحكام العرب عاملاً من عوامل تقويض الوحدة والانقسام؟

ولعلني أشرت في عمود يوم الخميس الماضي: «طبائع الاستبداد العربي المزمن… كأكبر خطر لانعدام الاستقرار»، إلى أن لا مناصّ من أن تدرك كل الأنظمة بأن تحقيق الأمن والاستقرار لا يتأتى إلا في ظل إرساء الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية… لكن ما يثير القلق بدرجة أكبر، هو أن غالبية المشاركين الخليجيين والعرب أجمعوا على أن النتيجة الحتمية هي ظهور المزيد من الاضطرابات والصدامات والتوترات خلال السنوات المقبلة، لأن الأنظمة العربية لن ولن تسمح بأن تغيّر طبائع الاستبداد.

التحذير للحكام العرب جاء واضحاً في بيان (البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان) الصادر في مطلع شهر يناير الجاري والذي أعرب فيه عن القلق البالغ لتطورات الأوضاع في عدد من البلدان العربية على خلفية ازدياد حالات الفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية لجموع المواطنين العرب والغلاء الفاحش، وجاء في بيان البرنامج: «في ظل انتهاج الحكومات العربية المختلفة لسياسات اقتصادية ظالمة متحيزة لفئات بعينها داخل البلدان ولا تضع في حسبانها الغالبية الساحقة فضلاً عن عجز الموازنات الحكومية العربية بسبب الفساد والرشوة والاختلاس وغيرها من الجرائم، لن يؤدي إلا لمزيد من الاحتقان الموجود أصلاً بسبب الأنظمة السياسية القابعة على قمة الهرم السياسي منذ عقود، فضلاً عن الانتهاك الممنهج واليومي لحقوق الإنسان في العالم العربي، وهو الأمر الذي ينذر بثورة جياع حقيقية لا يستطيع الأمن القبض على زمام الأمور فيها».

والنقطة الأهم في بيان برنامج النشطاء هو النداء الموجه إلى الأنظمة العربية، حيث ناشدها بضرورة المراجعة والإصلاح الحقيقي النابع من القاعدة الشعبية، وفتح حوار جاد مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإقرار إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي يزيل الاحتقان من جذوره، ويعيد الطمأنينة والثقة للمواطنين على اعتبار أنهم شركاء في أوطانهم

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *