ليس هناك منبر يمكن أن يؤثر في الناس أكثر من المنبر الديني، لكن مع الأسف الشديد، فإن التأثير، ليس بالضرورة أن يكون إيجابياً! بل ربما أصبح التأثير السلبي والتدميري هو الشائع في مجتمعنا، وإن كان يظهر ويختفي بين الفينة والأخرى، لكنه يمتاز في المجتمع الإسلامي عموماً، ومع الأسف الشديد أيضاً، بأن ذوي الخطاب المؤجج والمثير للمشاكل والفتنة هو السائد… لماذا؟
والجواب ببساطة هو: لو تم تطبيق القانون على أولئك الذين يثيرون النعرات الطائفية والتأجيج وتأليب المواقف والاستخفاف بعقول الناس ونشر الشائعات المغرضة، لما تجرأ أمثال هؤلاء لأن يمارسوا عملهم التدميري في الخفاء وفي العلن، ولا أحد يقبل بأن يصبح المجتمع البحريني مجتمع شائعات… لكن ماذا نفعل إذا كانت هناك جهات رسمية لا تقوم بدورها كما ينبغي في التصدي لمثل هذه الظاهرة الخطيرة؟ وماذا نفعل إذا كانت تكيل بمكيالين، فعلى طرف عقابهم شديد، وعلى طرف آخر تغمض العين؟!
وبمناسبة الحديث عن الشائعات، كنت قد تحدثت مع أحد المسئولين في وزارة الثقافة والإعلام سابقاً، بعد مقال انتقدت فيه الوزارة لتغاضيها عما تبثه بعض المواقع الإلكترونية من فيروسات مدمرة، وعدم عدالة الجهاز المسئول عن مراقبة المواقع فيطبق القانون على موقع ويرفع القلم عن موقع آخر، ومع الاتفاق مع ذلك المسئول على أن كل موقع يهاجم الدولة والرموز ويحرض على الكراهية والفتنة يجب أن يغلق، وكذلك الحال بالنسبة لأي موقع يثير الفتن الطائفية ويهاجم طائفة كبيرة ويكفرها ويشتمها ليل نهار يجب أن يغلق أيضاً، إلا أنه بدا واضحاً أن هناك (كيل بمكيالين)!
لقد كان عدد من الخطباء يوم أمس الأول (الجمعة) محقين حينما لفتوا إلى مخاطر الإشاعة والكذب، ونشر الفتنة لزعزعة الأمن، وبث الرعب والخوف في نفوس أبناء المجتمع، بذات القدر من صواب دعواتهم إلى الحكومات العربية بتأمين الاستقرار والأمن والرفاهية لشعوبها ونشر مفاهيم الحوار، وتحكيم العقل والمنطق على الفوضى، لكن هذه الدعوات الطيبة تذهب هباءً إذا تغافلت الأجهزة الرسمية دورها أو إذا طبقت القوانين بمزاجية… فلتطبق القوانين بعدالة على الجميع دون استثناء.
لا يوجد مواطن بحريني مخلص يريد أن يرى مجتمعه يصاب بداء الإشاعات الكاذبة والتحريض والكراهية، وليس جميلاً أن يشارك أناس من مختلف أصقاع الأرض في مواقع إلكترونية بحرينية ليمارسوا عملهم الخبيث في نشر الطائفية والعداوات… وكأن المواقع البحرينية متاحة لجميع الإرهابيين والمرضى النفسانيين وعشاق الفتن! لنتكلم بصراحة… ظاهرة الإشاعات المحظورة ذات الأثر السلبي على المجتمع، لا يمكن أن تعيش وتنتشر إذا ما تصدى لها الناس بعقلانية وبرادع ديني شرعي وأخلاقي، ولا يمكن أن تظهر إذا ما تم تطبيق القوانين والمساءلة على أي خطيب أو كاتب أو موقع إلكتروني أو جهاز إعلامي يمارس عمله السيئ، لكن حين تغمض الأجهزة الرسمية عينها، فهذا يعني أنها راضية مرضية