من حق الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل أن يطالبوا بحقهم في الحصول على وظائف تناسب تخصصاتهم، ولهم كل الحق أن يواصلوا رفع أصواتهم لتصل الى المسئولين في الدولة سواء من خلال الاعتصام أو من خلال الندوات واللقاءات التي يشرحون فيها معاناتهم القاسية، ومن حقنا أن نتساءل معهم: «لماذا يتوجب على 1912 خريجاً جامعياً أن يعيشوا (بهدلة)؟ ولماذا يتوجب عليهم أن يخضعوا رغماً عنهم لوظائف متدنية وبأجور متدنية والحال أن قطاعات كثيرة لا تزال تستوعب غير البحرينيين وتجزل لهم العطاء؟».
لقد دعمنا بكل قوة توجهات وزارة العمل وديوان الخدمة المدنية في برنامج توظيف العاطلين وإيجاد برامج تدريب وتأهيل لكل العاطلين، من الجامعيين وغيرهم، أملاً في أن تنفرج هذه المعضلة ويبدأ أولئك الآلاف من أبناء الوطن حياتهم المهنية ويكسبوا رزقهم ولقمة عيش ذويهم ويتجاوزوا الكثير من المحن المعيشية التي لا يعلم عنها الكثير من المسئولين.
على سبيل المثال، تابعت شخصياً مع أحد الخريجين الجامعيين، وعلى مدى ثلاث سنوات، أسباب عدم إنهاء اجراءات توظيفه في إحدى الوزارات، على رغم أنه مؤهل للوظيفة بل وقضى فترة تدريب لا بأس بها في الإدارة التي يستعد للعمل فيها، لكن اجراءات توظيفه تأخرت والسبب في ذلك (البصمات)! ومع ذلك، تابعنا معاً قصة البصمات مع وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني، وتبين أن ملفه سليم ولا توجد أي مشكلة تعوق توظيفه! فما هو السبب يا ترى في تجميد توظيف ذلك الخريج؟ ثم عدنا من جديد للمتابعة مع الإدارة التي وعدته بتوظيفه بعد أن تبين عدم وجود مشكلة، ولكن جهد السنوات الثلاث عاد الى المربع الأول بإعادة أوراقه من جديد الى ديوان الخدمة المدنية!
هذه القصة غيض من فيض!فهل يتوجب على أبناء البلد من الخريجين الجامعيين وسائر العاطلين أن يواجهوا هذه البهدلة وظروفهم المعيشية تزداد سوءاً؟ ولماذا لا يحترم بعض المسئولين توجيهات القيادة الرشيدة بإيجاد الوظائف المناسبة للباحثين عن عمل على وجه السرعة؟ لماذا تبقى هذه الثروة معطلة على رغم استعدادهم للعمل في حين يحظى بعض الوافدين بوظائف وأجور مجزية لا يحلم بها البحريني؟ نحن لسنا ضد حق كل من جاء الى بلادنا في أن يكسب رزقه، لكن من غير المعقول أن يكون أولئك هم المقدمون على أبناء البلد.
لقد عاد العاطلون الجامعيون يوم أمس الأول الثلثاء (1 فبراير/ شباط 2011) للاعتصام أمام مجلس النواب… لا من أجل (التسلية) وقضاء وقت الفراغ في (برنامج) يروق لهم، بل لأنهم، وبعد انتظار شهور كثيرة أملاً في تنفيذ الوعود بتوظيفهم، وجدوا أنفسهم صفر اليدين!فلا وظائف جيدة عرضت عليهم، ولا تحرك ملموس يطمئنهم بأن هناك شواغر في القطاعين العام والخاص، وبأجور مجزية، ستكون من نصيبهم.
وفق ذلك، نضم صوتنا الى صوت الخريجين المطالبين بإصلاح آلية التوظيف والتقييم في كل الوزارات، ومحاسبة أي طرف تسبب في تعطيل توظيفهم، فكل طرف تقاعس عن مسئوليته الوطنية تجاه أولئك الخريجين والعاطلين عموماً، لابد وأن يتعرض للمساءلة وخصوصاً من جانب مجلس النواب، فأكبر خطأ هنا هو مخالفة توجيهات قيادة البلاد الرشيدة في توظيف أبناء البلد الباحثين عن عمل.