في مقابل الدعوات الفتنوية والطائفية التي يحملها الخطاب الديني غير المعتدل، وغير الناظر الى مصلحة الوطن والمواطنين – أياً كانت صبغة ذلك الخطاب المذهبية- تتعالى أهمية وجود خطاب ديني مسئول! وبالطبع، تلك المسئولية هي المهمة الأكبر للعلماء لحفظ البلاد والعباد، خصوصاً حينما تبرز الى السطح تلك الخطابات والدعوات الآثمة لتدمير المجتمع، فيلزم هنا أن يتعالى الصوت المسئول.
لندخل مباشرة الى مقارنة لخطبتي إمام وخطيب جامع السيدة عائشة أم المؤمنين، رئيس تجمع الوحدة الوطنية، الشيخ عبداللطيف المحمود في جمعتين متتاليتين، ففي يوم الجمعة (8 أبريل/ نيسان 2011، حذر الشيخ المحمود من «أن يكون لروح الانتقام مكانة في التحقيق مع المتهمين أو أخذ البريئين بذنوب المجرمين والمسيئين، ومع المحاسبة القانونية والجنائية لكل أصحاب الفتنة الذين ارتكبوا الجرائم في حق الوطن والمواطنين والمقيمين، ومن فعل تلك الأفاعيل في بلدنا ومواطنينا والمقيمين معنا في بلدنا الآمن، لكننا نعلنها صريحة أننا لا نسمح ولا نجيز ولا نرضى عن أي تجاوز للحقوق أو خروج على العدالة».
أما في خطبته أمس الأول (الجمعة 15 أبريل/ نيسان 2011)، فقد كرر الشيخ المحمود ما طرحه في الخطبة السابقة: «إننا مع المحاسبة القانونية والجنائية لكل أصحاب الفتنة الذين ارتكبوا الجرائم في حق الوطن والمواطنين والمقيمين، لكننا نعلنها صريحة أننا لا نسمح ولا نجيز ولا نرضى عن أي تجاوز للحقوق أو خروج على العدالة ونحذر من أن يكون لروح الانتقام مكانة في التحقيق مع المتهمين أو أخذ البريئين بذنوب المجرمين والمسيئين»، وزاد الشيخ تأكيده بعد أن توفي عدد من المقبوض عليهم أثناء التحقيق، بأن «يتم التحقيق المحايد في أسباب وفاة هؤلاء، وندعو المسئولين إلى أن يمكنوا الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وغيرها من المحايدين للاطلاع على الحقائق، وتتم محاسبة من تسبب في ذلك إذا كان هناك متسبب».
وقد وضع الشيخ المحمود (مسئولية خطابه) لرفض اتهام الناس في المقدمة، بقوله: «لا يجوز أن نضع جميع أتباع الشيعة الجعفرية في سلة واحدة ونوجه لهم كلهم الاتهام عما حدث فإن ذلك من الجور والظلم، وربنا لا يظلم احداً، ولا يجوز لنا أن نظلم أي بريء، فمنهم براء واتضحت براءتهم أثناء الفتنة، ومنهم من سكتوا ولم يظهر منهم أي عداء او عدوان على غيرهم، ولكن من بغى واعتدى»، ويكشف موقع الخطورة بقوله: «ومن هذا الظلم أننا نرى منشورات توصل إلى بعض بيوت الشيعة تطالبهم بالرحيل عن سكنهم وتهدد بقاءهم من غير ذنب ارتكبوه، وذلك لا نقره ولا نرضى به ونرجو من إخواننا الذين يرسلون هذه الرسائل أن يكفوا عن هذا الفعل، وألا تأخذهم العاطفة فيقعوا في ذات الخطأ الذي وقع فيه أصحاب الفتنة الذين لم يكونوا يريدون التعايش مع غيرهم».
وبعد، لابد من الاحتكام الى دستور البلاد الذي كفل في مادته رقم (22) حرية ممارسة الشعائر الدينية، وجاء فيها نصاً: «حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دُور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقاً للعادات المرعية في البلد»، لهذا نشدد على أن المجتمع البحريني، يمتلك إرثاً دينياً واجتماعياً مميزاً بالمساحة الكبيرة المنضوية تحت عنوان التسامح والتعايش الاجتماعي واحترام المذاهب الإسلامية والأديان الأخرى، لكن ثمة محاذير كثيرة شهدتها السنوات الماضية من خلال رصد انحراف الخطاب الديني لدى فئة من الخطباء والمتصدين للجانب الديني وكذلك السياسي سارت في اتجاه الترويج للأفكار التي لا تتواءم مع المجتمع البحريني، سواء كان ذلك بالترويج للفكر الديني المتشدد وإقصاء الآخر، أو من خلال التحريض والدفع في اتجاه اشعال الفتنة بين الناس، أو عبر ذلك الخلط المتزمت بين السياسي والديني الذي يرجى منه تفتيت المجتمع