أصاب الحادث الآثم الذي تعرض له الشاعر الصديق عبدالعزيز المداوي مساء يوم الخميس (21 أبريل/ نيسان 2011) في مدينة حمد من يعرفه ومن لا يعرفه بالألم والحزن والقلق والخوف من المجهول… ذلك أن مثل هذا الحادث وحوادث أخرى مفجعة تهدف الى النيل من أمن واستقرار بلادنا، بالإقدام على جرائم نكراء تفوح منها روائح الطائفية البغيضة والعداوة الخبيثة في مرحلة يسعى فيها المخلصون الى الحفاظ على بيت الأسرة البحرينية، فيما يحاول آخرون تدمير بنيانه من الأساس.
الشخصان اللذان هاجما المداوي عند دوار 19 بآلة حادة وألحقا به اصابات في أنحاء مختلفة من جسمه ولاذا بالفرار هما نموذج شرير من نماذج الجريمة المنكرة الدخيلة على المجتمع البحريني، ولعل أهالي المحافظة الشمالية ومنهم محافظ الشمالية جعفر بن رجب، بل وعموم أهل البحرين الطيبين حين يستنكرون هذه الجريمة في حق الأبرياء بالأيدي والنفوس الدموية التي تهدف الى تقويض الأمن… أقول إن المواطنين حين يستنكرون هذه الجريمة، إنما يعلنون لكل الحثالات الإجرامية، أن شعب البحرين لن ينحني الى دعوات القتل والدمار والفتن الطائفية وتدمير قلب المجتمع البحريني بنشر حالة من الذعر وانعدام الأمن وبالتالي استهداف السلم والأمن الاجتماعي، وهو واحد من الثوابت التي لا يمكن أن يساوم عليها أبناء البحرين، مهما اشتد الخطاب العدواني المحرض، بل أجزم بأن الشرفاء والمخلصين من أبناء البلد سيتصدون لمثل هذه الخطابات والممارسات ولابد أن يشارك الجميع في وأدها والقضاء عليها.
وأجدني أعود مرة أخرى الى القضية التي أصبح رئيس تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبداللطيف المحمود يحملها كمسئولية، ويطرحها في خطب الجمعة أسبوعاً تلو الآخر بجامع عائشة أم المؤمنين في الحد، وآخرها تحذير الشيخ (بووليد) من اتهام الناس جزافاً، أو الانتقام منهم وهم أبرياء، لم يرتكبوا أي جرم أو خطيئة، وقد كرر دعوته إلى من يرسل رسائل تنتشر بين الناس مفادها: «لا تتهموا الناس جُزافاً، ولا تجعلوا أيام الفتنة وسيلة للتشفي ومحاولة النيل ممَّن بينكم وبينهم عداوات لتنالوا منهم في ظنكم وتنتقموا منهم وهم أبرياء»، فمن الواضح أن الشيخ كان يتابع باستمرار ويدرك مخاطر استمرار هذا السلوك العدواني المقيت، وهو ونحن جميعاً معه، ندرك أن أصحاب ذلك النهج الأسود المخالف للدين وللإنسانية، مستمرون في عملهم الجبان.
بالنسبة لأخي الشاعر عبدالعزيز المداوي، فقد عرفته منذ أكثر من عشر سنوات… بحرينياً أصيلاً ليس في قلبه ولا نقطة واحدة من سواد الطائفية الإجرامي، فهو يشارك في الفعاليات الوطنية من جهة، ويسارع الى المشاركة في المناسبات الاجتماعية والثقافية والدينية من جهة أخرى دون النظر الى اللون الطائفي لهذه المنطقة أو تلك… فهو شاعر يحمل الكلمة الصادقة الطيبة لجميع أهله، وأتذكر كم كان المداوي يعتب علينا حين ننظم فعاليات في بعض القرى لأننا لم ندعه مثلاً الى المشاركة بقصيدة، أو حتى اذا لم نوجه له دعوة للحضور… كان ولايزال يريد أن يكون موجوداً بين الجميع.
الداء العضال، هو ذلك المرض الذي لا علاج له أبداً على ما يبدو في نفوس المصابين به وفي قلوبهم… وهو داء الطائفية والأحقاد والعدوانية الآثمة التي ما عرفها أهل البحرين من أبناء الطائفتين الكريمتين… ذلك الداء الخبيث لن يقتل أمثال الشاعر الصديق عبدالعزيز المداوي ولن يقتل أي بحريني مخلص يرفض كل أشكال الفتنة والجريمة والنيل من تكاتف أبناء المجتمع مع بعضهم البعض في أكثر الظروف شدة