«عندما تفشل السياسة تبدأ الحرب» وعندما تنتهي الحرب تبدأ السياسة، هكذا يُفترَض في الأشياء أن تكون. وحين تكون الحروب النظامية المدمرة متكررة، كما هو الحال عندنا، تتحول إلى أدوات للسياسة.
مع أن منطقتنا التي أصبح اسمها دولياً «مينا» «الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، هي الأغنى بالنفط، إلا أنها الأفقر بالإنتاج، وبها بعض أفقر دول العالم، مثل الصومال ذي الحرب المنسية، واليمن موضوع الحرب الدائرة حالياً.
ليس النفط فقط هو الدافع لتلك الحروب المتوالية والمدمرة، فأميركا اللاتينية، غنية بمواردها النفطية، ولكن ليس بها حروب رئيسة.
ففي حين عانت أميركا اللاتينية منذ الخمسينيات حتى الثمانينيات من صنوف الديكتاتوريات العسكرية الحاكمة، حتى كادت أن تصبح هي الثقافة السائدة، إلا أنها تمكّنت من الخروج من أزمة حكمها، ولعلنا لا نجد فيها اليوم دولة غير ديمقراطية، مع استثناءات بسيطة غير مؤثرة.
بل إننا قد لا نجد في العالم أحزاباً يسارية تصل إلى السلطة عبر الانتخابات، كما هو الحال في عدد من دول أميركا اللاتينية.
عندما تتكرر الحروب بهذه الصورة في إقليم ضيق، تتزاحم فيه الأكتاف بالأكتاف والسيقان بالسيقان، فإنه لابد من أن نبحث في المسكوت عنه، وهو طبيعة الأنظمة الحاكمة وأسلوب حكمها، ودرجة عدالتها، وطبيعة توزيع الموارد، ومستوى كرامة الإنسان.
قد نجد العذر للسعودية في حملتها العسكرية الأخيرة في اليمن، وقد تكون إيران، فعلاً، قد استفزتها وشكّلت ما تراه المملكة تهديداً لأمنها، وقد يكون القرار العسكري هو إعلان لفشل السياسة، وبداية الحرب، ولكن أوليس هذا هو الحال دائما؟ في هذه المنطقة بالذات؟ فمنذ احتلال «حامي البوابة الشرقية» للكويت في 1990 ونحن في معضلة انتظار الحرب القادمة، والمحزن، أنه دائماً هناك حرب قادمة.
الحرب هي أسوأ شيء اخترعه البشر، وسيبقى كذلك حتى يرث الله الأرض ومَن عليها.
أما بالنسبة لموضوع الحرب الأخيرة في اليمن الفقير، الذي فشل فيه الساسة في الوصول إلى حل للحفاظ على بلدهم، فقد آن الأوان ليجلسوا لمائدة المفاوضات لإنقاذه، مع دعم سعودي وخليجي للبدء بخطة تنموية شاملة تنتشل اليمن من حالة التدهور الذي يعيشها، ماذا وإلا، فلننتظر حرباً أخرى على قارعة طريق الدم المسكوب دون حساب.