يبدو لي كمراقب سياسي ان وزارة التجارة والقائمين عليها يعملون بعقلية اشتراكية اذا لم تكن شيوعية بحتة، فهي بعيدة كل البعد عن النظام الاقتصادي الحر الذي يفترض ان يكون اقتصادنا الحر يسير في نهجه، ففي نظام الاقتصاد الحر يتم تحديد الاسعار وفق آلية السوق (عرض وطلب) بينما الاقتصاد الشيوعي تحدد الدولة الاسعار وتتدخل ليس في تحديد الاسعار فقط بل في آلية توزيع الثروات مثل الاراضي والمزارع وعقود الدولة ومشاريعها وغيرها.
السؤال، هل نحن دولة رأسمالية ذات اقتصاد حر كما تدعي خطط الدولة وشعاراتها التي ترفعها وزارة التخطيط ام اننا دولة شيوعية يتحكم البيروقراطيون في تحديد الاسعار لكل بضاعة؟
الحكم القضائي الذي صدر أخيرا من محكمة التمييز ببراءة أحد المطاعم من رفع سعر سندويش الفلافل من 120 فلسا الى 150 فلسا، مثال صارخ على تدخل الدولة ممثلة بوزارة التجارة بما لا يعنيها، فهل يعقل ان يبقى سعر سندويش الفلافل ب100 فلس منذ الستينات من القرن الماضي وحتى اليوم على الرغم من كل المتغيرات الاقتصادية في عالمنا المعاصر وارتفاع التضخم الى معدلات مرتفعة؟ تدخل الدولة في اسعار الجمعيات التعاونية مثال آخر على التطبيقات الاشتراكية في بلدنا، فوزارة الشؤون والتجارة تتدخلان بشكل سافر في كل اعمال الجمعيات والمحلات التجارية وغيرها من خلال تحديد نوعية النشاط وتحديد اسعاره بما في ذلك رواتب العمالة حتى امتد الامر الى سعر سندويش الفلافل، هل هذه بذمتكم مسؤولية الدولة؟
وزارة التجارة عندما يريد اي فرد تأسيس شركة هي التي تحدد رأس المال المطلوب والعمالة التي يحتاجها كل محل او شركة.. فهل بعض موظفي الدولة الفاسدين يعرفون مصلحة البلد اكثر من صاحب الشأن وهو التاجر او الفني او صاحب الورشة؟
هيئة الصناعة التابعة لوزارة التجارة عندما تريد توزيع القسائم الصناعية تطلب من صاحب المشروع دراسة خاصة بالجدوى الاقتصادية حتى يحدد جهابذة الحكومة فيما اذا كان المشروع مجديا ام غير مجد.. هل توجد اشتراكية اكثر من حكومتنا الرشيدة؟! الذي درسناه وتعلمناه في ابجديات الاقتصاد الحر هو ان دور الدولة هو وضع الاسس والرقابة والتأكد من المنافسة الحرة ومنع الاحتكار والغش التجاري والتأكد من وجود المعلومة الكاملة للمواطن او المستهلك بحيث يترك له اتخاذ القرار السليم بناء على المعلومات المتوافرة لديه، فلا يجوز للحكومة ان تتدخل في كيفية ادارة التاجر لعمله، فاذا رفع تاجر معين اسعار بضاعته فهو يتحمل تبعات قراره فالمستهلك دوره يتلخص في ايجاد الاسعار المناسبة لميزانيته ودائما البقاء للأصلح.
ومن الامثلة الشائعة في الكويت تدخل الوزارة في التنزيلات، لماذا مطلوب اخذ اذن التجارة عندما يريد اصحاب المحل عمل تنزيلات؟
نعود الى قضية الفلافل التي خسرتها الحكومة.. يمكن للمطعم رفع سندويش الفلافل الى اي سعر يريده بمجرد وضع كلمة «سوبر فلافل»، ما نحتاجه في الكويت هو «سوبر حكومة» تفكر بطريقة مختلفة عما هو معمول به الآن.