الغارات أو «الحرب» الحالية على الحوثيين هي كما الزعم لاستعادة الشرعية اليمنية التي اغتصبها عنوة الحوثيون. أي انها لفرض الارادة الحرة للشعب اليمني الذي اختار ديموقراطيا او انتخابيا على الاقل قيادته. هذا يجعل منها هدفاً نبيلاً وسامياً لتحقيق الديموقراطية وتوفير الحرية والخيارات الذاتية الخاصة للشعب اليمني.
في المقابل، عندنا كثير من الذين تحمّسوا لتأييد الغارات الجوية على الحوثيين، اصروا ويصرون على إخراس المتعاطفين مع الحوثيين او قمع حتى المعترضين على هذه الغارات. هذا موقف «غير ديموقراطي» وغير انساني يتعارض تماما مع الدعوات المغلفة بالنبل والشهامة التي أطلقها ذات المتحمسين لتبرير الغارات على الحوثيين. طبعا يغلف هؤلاء المتحمسون – لضرب الحوثيين وتأديب من يعترض على هذا الضرب – وجهة نظرهم بغلافات واسانيد وطنية. تعتمد على ضرورة واولوية الولاء والانتماء للقيادة والوطن.
ليست هناك علاقة على الاطلاق بين ابداء وجهة النظر الخاصة او التعبير عن الرأي وبين الولاء والانتماء. ليس بالضرورة ان يكون مارقا من يعبر عن رأي لا يتفق والقرار السيادي. وليس بالتأكيد خائنا من يتخذ موقفا يخالف رأي الاغلبية. مشكلتنا هنا هي «فرض» الرأي او المذهب او المعتقد، واحيانا حتى المصلحة على الغير. وهذا طبيعي وربما مقبول ايضا. لكن ما هو غير طبيعي وغير مقبول هو ان يتسلح البعض بالشرعية وبالديموقراطية لفرض رأيه القمعي والخاص على الغير.
ان من يريد ان يبسط الشرعية في اليمن مطالب اولا بعدم انتهاكها في الكويت. لان التعبير عن الرأي حق شرعي، ديموقراطي ودستوري. وليس من المفروض ان يُحرم او يُمنع مواطن من التعبير عن رأيه طالما ان هذا الرأي سلمي وفي حدود الدستور والقانون. ان رأي الاغلبية اليوم قد يكون رأي الاقلية غدا. وما يبدو صائبا في لحظة قد يتحول الى خطأ في القادم من زمن.
ان التعبير السلمي عن الرأي يجب ان يبقى حقا مقدسا لكل مواطن. حق المواطن الفرد يجب ان يبقى مقدما على رأي الاغلبية او الاكثرية. هذه ليست بدعة، وليست حتى تطرّفاً في المبالغة. فكثير من الحقائق والعقائد والنظريات كانت «وحيدة» او غريبة او منبوذة في بداية الامر.. لكن تكشف للناس بعدها انها صحيحة وانها الملائمة اكثر من غيرها.
هذه ليست محاولة لتزكية او للترويج للرأي المعارض للغارات على الحوثيين بقدر ما هي مساهمة ضرورية للدفاع عن حرية الرأي وعن حق كل فرد في المجتمع في التعبير السلمي عن رأيه.