هو خبير في الشأن الإيراني، حتى من دون أن يعرف أبسط المعلومات العامة عن إيران، كعدد نواب البرلمان الإيراني، على سبيل المثال، أو عدد المحافظات الإيرانية، أو عدد سكان العاصمة طهران، أو أي معلومة من المعلومات العامة المتناثرة على أرفف الأسواق والبقالات والإنترنت.
هو خبير في الشأن الإيراني، وكفى.
يستيقظ صباحاً، فيمتشق قلمه، بعد أن يتناول قهوته، ويكتب بضمير مرتاح: «إيران تمر في أصعب لحظاتها»، «إيران تعاني»، «إيران نادمة على التدخل في الوطن العربي»، وما يشبه هذا الكلام الذي يندرج تحت باب الهجص المبين، والذي استقاه من تويتر وفيس بوك.. كلمات لا يمكن وضعها على الطاولة، أبداً، وسرعان ما تجد يدك، بتلقائية، ألقتها في سلة الأمنيات.
ومن الجهة الأخرى، يأتيك من هناك كاتب، يُصنف نفسه بأنه «مراقب للشأن الإيراني»، لم يدّعِ أنه خبير، ولا ضليع، ولا «أبو العرّيف»، ويكتب عن توجهات كل كتلة في البرلمان الإيراني، ويذكّرك بمدير التليفزيون، المقال، الذي كان يُبدي تعاطفاً واضحاً مع الكتلة الفلانية، ويحدثك عن منصب رئيس بلدية طهران، الذي تقاتلت عليه الكتل، وفازت به الكتلة الفلانية، ويفنّد لك التقسيمات العرقية في شمال إيران وشرقها، ومدى سيطرة أهل الشرق والشمال على المناصب الحساسة في البلاد، ويشرح لك «العقيدة العسكرية» السائدة في الفترة الأخيرة، ووو…
ثم يختم مقالته التحليلية، بكلمات من نوعية «يبدو أن… ربما… قد…»، «ربما تنشب معركة برلمانية بخصوص هذه الجزئية، وقد يسيطر التكتل الفلاني على مشكلته ويحلها، ويبدو أن الأمور لم تسر على مخطط القيادة الإيرانية في هذا الملف بالذات».. وهكذا.. لم يجزم بمعلومة، ولم يؤكد استنتاجاً، ولم يتعالَ على القارئ والمشاهد.
فيا سادة يا كرام، يا «خبراءنا» الفضلاء، يا سلالة المذيع المصري الشهير «أحمد سعيد»، ارحمونا يرحمكم الله، وافسحوا المجال للخبراء الحقيقيين، لنعرف ما لنا وما علينا.