كنت أعتقد، كالكثيرين غيري، أن الفساد يعشّ.ش في وزارات وهيئات محددة، ولكن من الواضح أن الفساد يشمل تقريباً كل وزارات الدولة وهيئاتها، وإن بنسب متفاوتة، ولكن عندما يصل إلى «الأوقاف» و«المعلومات المدنية»، مثلاً، يصبح الأمر مثار استغراب حقاً! فإن كانت الوزارة المعنية بشؤون العقيدة بهذا الخراب، وإن كانت الجهة التي وثقنا بها في حفظ أسرارنا ومعلوماتنا الشخصية بهذا الخلل، فما حال الجهات الأخرى، الأقل علاقة بالدين والدنيا؟!
قام مجلس الوزراء، أخيراً، بإصدار قرارات متعلّقة بمجال المعاملات الإلكترونية والمعلومات، حيث أصدر قراراً بتحديد الجهة التي يعهد إليها الإشراف على إصدار التراخيص اللازمة لمزاولة خدمات التصديق والتوقيع الإلكتروني وغير ذلك من الأنشطة في مجال المعاملات الإلكترونية والمعلومات، وهي الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات. كما أصدر قراراً آخر بتحديد الجهة التي يعهد إليها إدارة جذر التصديق الإلكتروني، وهي الهيئة العامة للمعلومات المدنية.
وهدف الحكومة من إصدار هذه القرارات هو حماية أمن المعلومات المتعلّقة بالدولة وعدم اختراقها، وذلك بإسناد الإشراف عليها وإدارتها من قبل جهات حكومية، مع عدم تدخل أي جهات غير حكومية في الإشراف على المعاملات الإلكترونية وإدارتها.
إلا أن المتابع لهذا الأمر يجد عدم حرص الهيئة العامة للمعلومات المدنية على تحقيق الهدف الذي دفع مجلس الوزراء إلى إصدار هذه القرارات، وهو حماية أمن المعلومات والمحافظة على سريتها، حيث تقوم الهيئة العامة للمعلومات المدنية بطلب إصدار التراخيص الإلكترونية من شركة خاصة غير حكومية، رغم امتلاكها جميع الأجهزة والمعدات التي تمكنها من ذلك، وهو ربما ما يعرّض أمن المعلومات الخاصة بالدولة للاختراق.
ونتساءل هنا، من دون أي براءة: إذا كان مجلس الوزراء قد حرص على الاهتمام بهذا الجانب ذي البعد الأمني، خصوصاً في الوقت الذي تمثل فيه المعلومات أهمية قصوى في ما يجرى في العالم من أحداث، فلمَ لم تلتزم هيئة المعلومات المدنية بإصدار التراخيص الإلكترونية بنفسها، بما تملكه من أجهزة ومعدات وأنظمة، لكي لا يتم اختراق ما بها من معلومات؟! نتمنى أن نتلقّى جواباً واضحاً عن هذا التساؤل، وأن نكون على خطأ!
هذا غيض من فيض مما يحصل، بسكوت، من عمليات «مستغربة» في كثير من الدوائر الحكومية أو الهيئات التي ليست عليها العين. ونحن هنا لا نطالب بأن تسود النزاهة كل أعمال الحكومة، فهذا ترف لا نحلم به. بل أن يكون هناك حد أدنى من المصداقية مع الخراب، مع تنفيذ جيد.
* * *
• ملاحظة:
في مقالة أمس تشمّت مبارك الدويله من الوضع الذي سأكون عليه عند خروجي من المطار الى أمن الدولة، بعد أن رفعت إيران دعوى قضائية علي! وأنه يرد على تشمتي من الدعاوى التي رفعت عليه من دولة أخرى، علما بأنني لم اشمت به، بل ذكرت في مقالي التالي: «لا أهدف من وراء هذا المقال الشماتة في الزميل مبارك الدويله، فعلى الرغم من كل ما بيننا من اختلاف، فان أخلاقي لا تسمح لي بالتهجم عليه، وهو في أضعف حالاته!».
وهكذا نرى من رده حقيقة المنتمين لـ«الإخوان المسلمين»!