ساحة الارادة تحولت شيئا فشيئا الى «هايد بارك» يعبر فيها المواطنون عن شؤونهم وشجونهم من دون تهديد احد او إقلاق لراحة الغير من المواطنين. هذا كان الحد الادنى من الحرية التي اتيحت للتعبير عن الرأي في السنوات الاخيرة. حكم المحكمة الدستورية الذي قد لا يتفق تماما مع مبادئ النظام الديموقراطي وربما يخالف الدستور كان بمنزلة «حليب السباع» الذي ابتلعته الحكومة بلهفة وسرعة لتتصدى بعده لحريات الحد الادنى، وتتمادى في قمع المسالمين والمحايدين من المواطنين.
حكم المحكمة الدستورية الذي تسلحت به الحكومة لكبت الحريات ومنع التعبير وفي النهاية قمع وضرب خلق الله، أخضع حرية التجمع للرقابة الحكومية بهدف حفظ الامن وضمان الطمأنينة والاستقرار. باعتبار التجمعات، في بعض الاحيان وليس كلها، تؤدي الى الاخلال بالامن والاضرار بالسكينة والطمأنينة التي حرصت على ضمانها للمجتمع المحكمة الدستورية. هذا كان الهدف، وهذا كان – على الاقل حسب فهمنا – ما استندت اليه المحكمة لتحديد حق التجمع. اذا كان هذا صحيحا.. فهل يشكل التجمع السلمي والمحصور في ساحة الارادة تهديدا للمجتمع؟ وهل يضر نصب الكراسي في ساحة الارادة المعزولة والمطوقة بالامن العام؟ هل تعرض انارة ساحة الارادة الاستقرار وتهز الطمأنينة؟ لا اعتقد ان عاقلا يفكر حتى في طرح السؤال، فضلا عن الاجابة عنه.
لكن الحكومة كانت مبيتة النية، ومستعدة مسبقا لكبت الحرية وقمع المعبرين عنها. مع الاسف لقد استعرضت السلطة قوتها يوم الاثنين الماضي. المؤسف ان من دفع وسيدفع الثمن ليس جماعة الحراك فقط. بل حرية التعبير وحق ابداء الرأي وإعمال الفكر. لهذا نحن نعترض هنا، لاننا نعتقد بترخيص او بلا ترخيص، فان من حق الناس ان يعبروا عن رأيهم. وان يثبتوا ما يؤمنون به وان يغيروا ما لا يتفق وما يعتقد العامة انه لا يتفق والشأن العام.
هذه هي الديموقراطية، حرية وتعددية وتداول للسلطة. وكبت حرية الرأي وتعطيل حق التعبير الهدف منهما المحافظة على كل شيء كما هو. وابقاء الاوضاع على حطتها. وفي الكويت يعني ذلك ان نبقى على طمام المرحوم.