إحدى أهم قواعد التسويق، يقول الخبراء: «لا تعرض للزبون أكثر من سلعتين في وقت واحد، كي لا تشتت تفكيره»… الأوضاع السياسية في الكويت هي السلع، والكاتب هو الزبون الذي «احولّت» عيناه لكثرة السلع المعروضة على الطاولة أمامه. الأمر الذي دفعه لوضع القلم على الورقة ويده على خدّه، «ولا عزاء لزملائنا كتّاب جيبوتي»… بالفعل، الكويت غنية بالنفط والمشاكل والأحداث. ولا ندري، هل عودة أحمد الفهد إلى شاشة السياسة من جديد هي الموضوع الأهم، سيّما وأنه لا يزال يحافظ على لقبه «نجم الشباك»، حتى وإن لم يقم بتصوير أي فيلم هذين العامين؟ يجوز، خصوصا وأن خصوم هذا الرجل، قبل أنصاره، يتابعونه. أم أن الحدث الأهم هو الحكومة ورئيسها الذي يحاول التوقيع على القرارات لكنه لم يستطع بسبب اهتزاز قلمه؟ قلبي على قلم الرئيس الذي يعاني من ارتجاج في الحبر دون أن يفقد قطرة منه. يبدو أن سمو الرئيس يتبع سياسة التقشف في بلد الحبر الفائض عن الحاجة… «ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين».
الشهود الأربعة الثقاة يقسمون على استمرار الكويت في طريقها المظفر إلى الخلف ما لم يفقد قلم الرئيس بعضا من قطرات الحبر… هو للأمانة يريد الإصلاح. لكنه ليس وحده من يريد ذلك. أم عبد الله أيضا تريد الإصلاح. وأم عبد الله هي والدة صاحبي، وقد بلغت اليوبيل الماسي من عمرها المديد، نحو خمس وسبعين سنة، وتعتقد بأن الدعاء وحده يكفي، بينما يعتقد رئيس الحكومة بأن النية الصالحة هي الأفضل، ولم تحسم نتيجة اختلافهما بعد. وسأحاول من ناحيتي تقريب وجهتي النظر فيما بينهما، نصف دعاء ونصف نية صالحة مع قليل من الثوم والجبن المبشور.
على أي حال، البرلمان المقبل سيكون الأقوى في تاريخ الكويت، في حال تخلص من الانتخابات الفرعية. وهي ما سنصقل سيوفنا لحربها، كي لا يتحول أبناء وبنات القبائل أو الطوائف إلى أسماك. كبيرها يأكل صغيرها. على أن محاربة تجار الدين تستحق سنّ الحراب واستنهاض الهمم… البرلمان المقبل شرس، والنواب سيصلون القاعة وهم يلهثون بعد مسيرة الدوائر الخمس المنهكة، فهل ستأتي حكومة تعدل كفة الميزان وتزأر بخططها ورؤاها قبل أن تدخل البرلمان، أم ستستمر حكومة «النية الصالحة» والتي يختلف معها الجميع، بمن فيهم أم عبد الله.
وأخشى ما أخشاه أن يعود الشيخ أحمد العبد الله للحكومة، في حال تغيرت أو أجريت عليها بعض التعديلات… سترك يا رب.