محمد الوشيحي

دقوا المهابيش

ضحكت إلى أن بكيت بعدما قام رئيس حكومة حماس «هنيّة» بنثر الورود وبطاقات التهنئة في الاجواء احتفالا بالنصر وهزيمة الأوباش اليهود! يا رب الأرباب، لعل فرحة الانتصار لا تُنسي هنية دفن الضحايا الفلسطينيين المساكين وعلاج من كتب الله له منهم عمرا جديدا تعيسا بعاهة مستديمة، ولعل احتفالات حزبه التي جابت شوارع غزة مخترقة الأنقاض لا تشغله عن تأمين ولو بعض الأكواخ لتستر من هدمت منازلهم، وما أكثرهم، ولعلها لا تصرفه عن التفكير في وقاية فلسطينيي غزة ضد الأوبئة التي احتلت غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي منها، في عملية أشبه بتسليم عهدة، سلّم واستلم. وإنا لله وإنا إليه راجعون. قال لك «نهنئ الأمتين العربية والإسلامية بالانتصار ودحر الظالم»، دحر مَن يا سيدي في تالي هالليل؟
اليهود الذين أسكرتهم قوة آلتهم العسكرية وما فعلته في غزة، أعلنوا بأنهم حققوا أهدافهم كلها، بل وأكثر منها، وصاحبنا هنيّة يقول نحن المنتصرون في الحرب، والحرب كما نعرف، فيها المهزوم والمنتصر، فإذا كان هنية منتصرا واليهود منتصرين، فمن هو المهزوم في هذه الحرب سوى هؤلاء الضحايا البسطاء؟ هل نضحك ام نبكي يا هنية؟
مشكلة عويصة عندما تناقش أحدهم ويبلغك بكل ثقة بأن «إسرائيل كما تقول الدراسات ستزول خلال عشرين سنة»! فتفرك عينيك وتحك جبهتك وتسأله: «معلش عطني على مستوى تعليمي، كيف ستزول إسرائيل ونظامها السياسي هو الأفضل في المنطقة وجيشها الأقوى ومواطنوها الأكثر احتراما عند حكومتهم من بين مواطني هذه المنطقة المنكوبة بالعرب، كيف؟»، فيشبك أصابعه ويجيبك بصوت خافت على طريقة علماء الفيزياء: «أولا يجب أن نؤمن إيمانا شديدا بهذه الدراسة ونسعى لتفعيلها بكل الطرق بما فيها إشغال إسرائيل بالحروب، وثانيا ألا تقرأ عن صراعات أحزابها الداخلية، وكيف تصل الامور بينهم إلى تبادل الاتهامات في الذمم؟ على ماذا يدل هذا؟ بالتأكيد ستزول إسرائيل يا صاحبي خلال عشرين سنة»!
هل بعد هذا النقاش نقاش؟ وهل بعد هذه الحجة حجة؟ بعض الحجج تلجمك لتفاهتها فتعجز عن الرد، أو تحبطك عن الرد. ولم يدفع الأبرياء المدنيين والاطفال المساكين الفلسطينيين في فوهة المدفع سوى مغامرات هؤلاء المقتنعين بمثل هذه الخرافات. نحن شعوب لا تفرق بين الخرافة والمنطق، أبدا، ولذلك وبعد سقوط آلاف القتلى والجرحى في فلسطين، ومثلهم في لبنان، وبعد هدم البيوت فوق رؤوس سكانها هنا وهناك، يخرج حزب الله وحماس وكوادرهم ليحتفلوا بالانتصارات… هنيئا لكم نصركم، واصلوا احتفالاتكم ودقوا المهابيش، ورحم الله الشهداء الأبرياء.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *