جاء قرار لجنة الرقابة في وزارة الإعلام بمنع بعض الكتب لروائيين كويتيين مفاجأة للجميع، فالوزارة التي من المفترض ان تلعب دورا رائدا في تشجيع الأدب والفن والمسرح والموسيقى والكتاب او الثقافة بشكل عام نجدها اليوم ولاعتبارات سياسية وهي ارضاء المد الاصولي وتيارات الإسلام السياسي في وزارة الاوقاف تحمل فأس الخراب والدمار ومحاربة الإبداع في الوطن من خلال حظر إبداعات الأدباء والمبدعين الكويتيين، فمقص الرقيب الحكومي يسير عكس التوجهات العالمية نحو الانفتاح والحرية الفكرية.
لقد عبر كتاب ومثقفو الكويت عن امتعاضهم من التوجهات الحكومية الجديدة التي تحجب الرأي الحر والمبدع ونحن نضم صوتنا لكتاب الكويت ونعلن استياءنا وامتعاضنا من الإجراءات التي اتخذتها ادارة الرقابة في وزارة الإعلام بمنع كتب الاستاذ الدكتور والاديب المبدع سليمان الشطي «الورد لك والشوك لي». ورواية لا تقصص رؤياك للروائي عبدالوهاب الحمادي اضافة الى رفع رواية فئران امي حصة للروائي سعود السنعوسي الحاصل على جائزة بوكر العربية من الاسواق.
السؤال الذي نود طرحه: لماذا تدعي الحكومة انها تحارب التطرف والمغالاة في الدين والارهاب في نفس الوقت الذي تحاصر فيه الثقافة عن طريق منع الكتب..؟ من يريد محاربة الفكر المتطرف الذي ينشر مفاهيم المغالاة في الدين وكراهية الآخر يلجأ الى انصاره من جماعات الإسلام السياسي في وزارة الاوقاف، العاملين في لجنة الرقابة تقص عمليا وفعليا كتب الإبداع من الكتاب الكويتيين.
يتوقع المراقب السياسي بعد الحملة الدولية لمحاربة الارهاب والتطرف الذي تشارك فيه الحكومة الكويتية ان تتغير ظروف الثقافة في مجتمعنا لتغير عقليات الناس لكن يبدو ان تغير معالم الدولة عمرانيا اسهل من تغير عقليات الناس في مجتمعنا لان سياسة التردد وارضاء جماعات الإسلام السياسي المتمثلة في عودة ظاهرة الرقابة على الكتب والمجلات والصحف وعدم انتهاء عملها في عصر الانفتاح الديموقراطي وعصر الفضائيات المفتوحة وعصر الانترنت وما يرافقه من وسائل الاتصال الاجتماعي.
لماذا ظلت الرقابة الإعلامية على ما كانت عليه في العصور القديمة ابان حكم العثمانيين؟ لماذا لم تتغير عقليتنا على الرغم من تغير الظروف المادية والازدهار الاقتصادي الذي جلبه النفط..لماذا بقيت عقليتنا كما هي بدون تغير وكأننا لانزال نركب الحمير والجمال..لقد كان الكاتب العربي هاشم صالح محقا عندما كتب في كتاب «معضلة الاصولية الإسلامية» حين قال «الفيلسوف الالماني هيغل كان يعتقد بان التاريخ يتقدم احيانا من ابوابه الخلفية او من اسوأ زواياه وعندئذ ينفجر بكل احتقاناته ومكبوته ويتحرر من ذاته فلولا الخطأ لما تبين الصح ولولا الشر لما عرف وجه الخير ولو لم تتح للحركات المتزمتة ان تصل الى السلطة وتمارسها لفترة من الزمن لكنا بقينا مسحورين بوهمها او قل لكانت الجماهير العربية والإسلامية ظلت متأسفة عليها او تعتقد بصحة حلولها والطابع المعجز لامكاناتها وعليه كان لابد من ان يدفع هذا الثمن الباهظ لكي تتضح الاشياء تماما، كان من الضروري ان نمر بالمرحلة الاصولية لكي تنقشع الاوهام الكبرى وينكشف طريق المستقبل امامنا».
لنهنئ كتاب الكويت الذين منعت كتبهم من قبل الرقيب لان كتبهم سوف تنتشر اكثر لأنها ممنوعة فالجميع يريد ان يعرف لماذا تم منع كتبهم..عجلة التاريخ لا تعود للخلف.