شبان الجيل الجديد، الذين لم يعاصروا أسخف نكتة ضحك عليها الكويتيون طويلاً، وهي تجريم بيع وشراء “البيرة الخالية من الكحول”، لتكون الكويت، بذلك، هي البقعة الوحيدة، على ظهر هذا الكوكب، التي تحظر وتجرّم تداول هذه البيرة، لشدة ورعها وتدينها “الخرطي”…
أقول: شبان الجيل الجديد الذين لم يعاصروا تلك النكتة، ها هم يحصلون على نصيبهم من معاصرة نكتة أسخف، لكن هذه المرة ليست مع “المشاريب”، بل مع الكتب. ولا فرق بين المشاريب والكتب في عصر وزير الإعلام الحالي.
والنكتة هي أن “لجنة الرقابة الكويتية” منعت بعض الكتب، في حين وافقت عليها بقية دول الخليج! وتعال معي نفتح قوسين، خذ أنت قوساً وأنا قوساً، لنكتب بينهما تذكيراً بأن “الكويت مركز إنساني”. ولا أظنك ستطلب مني توضيحاً لعلاقة الإنسانية بحرية الرأي والإبداع والفكر.
وأنا أقطع ذراعي من هنا، إن كان وزير الإعلام، المسؤول عن الثقافة، والمسؤول أيضاً عن لجنة الرقابة، يهمه الإبداع، وتوفير المناخ الواسع للتحليق، أو تحرجه نظرات المجتمع الدولي لمستوى حرياتنا، أو تسقط من جبهته حبة عرق خجلاً مما اقترفته لجنته “ذات الفكر الداعشي”، كما وصفها بعض المثقفين.
والقبح بالقبح يُذكر، وكأنني أرى وزير الداخلية اليمني في الستينيات، الذي قرأنا عنه، والذي التبس عليه الأمر، وتداخلت الأسماء في ذاكرته، لذا قرر من باب الاحتياط أن “يحز رقبة كل من يشك في أمره”. فيسأله مساعدوه: “ايش نعمل بفلان الفلاني؟”، فيحك حنكه قليلاً، ثم يزم شفتيه ويمطهما، ثم يقرر: “ما نعرفوش، حزوا رقبة أمه، حفاظاً على الثورة”، فيحزون رقبته. ثم يسألونه عن الثاني والثالث والرابع، ويقرر في كل مرة: “ما نعرفوش، حزوا رقبة أمه”، إلى أن وصل إلى مرحلة لم يعد يحك فيها حنكه، ولا يمط شفتيه ولا يزمهما، واكتفى بـ”ما نعرفوش”، لتصبح هي “حكم الإعدام”.
ووزير الإعلام الحالي، يستخدم سياسة “حزوا رقبة أم الحريات” حفاظاً على كرسيه. فهو نفسه صاحب أكبر عدد من القضايا المرفوعة ضد الإعلاميين والمغردين. وأظنه يفخر بذلك، وأجزم أنه “فرحان”.
يغضب المثقفون؟ “وخير يا طير”… يتضاحك زوار معارض الكتب في دول الخليج على الحال التي وصلت إليها الكويت؟ “وخير يا طير”… لا شيء يهم في الحياة إلا كرسي معالي الوزير.