نشرت جريدة البلاد البحرينية يوم الجمعة 27 فبراير 2015 خبرا في صفحتها الاولى عن اجتماع الرياض للجنة المختصة من النيابات العامة وهيئات التحقيق والادعاء العام بدول مجلس التعاون لمناقشة موضوعات مراجعة وتحديث قواعد حماية الطفل خلال مرحلة التحقيق ومقترح الهوية الوطنية الموحدة لاعضاء النيابات العامة وهيئات التحقيق والادعاء العام واقتراح الآليات المناسبة لمتابعة تنفيذ قرارات المجلس الاعلى بشأن جواز اعارة اعضاء النيابات العامة وهيئات التحقيق والادعاء العام للعمل بالدول الاعضاء الى جانب دراسة مقترح تنفيذ امر الضبط والاحضار على مستوى الدول الاعضاء.
مع احترامنا وتقديرنا لكل الجهود التي تبذلها اللجنة الخاصة لتوحيد لجان التحقيق والنيابة العامة الا ان القصة برمتها تستحق المناقشة وابداء الرأي فيها قبل ان يتم فرضها علينا نحن شعوب دول الخليج. واضح جدا ان ما يتم طرحه يخص الانظمة ومصالحها اكثر من مصالحنا كشعوب، كمواطن خليجي اتفهم المشاكل التي تتعرض لها دول الخليج في معالجة ظاهرة التطرف والارهاب في دولنا.. لكن يبقى السؤال.. لماذا التركيز دائماً على الابعاد الامنية لمعالجة قضايا التطرف والارهاب رغم اهميتها وهناك طرق وابعاد اخرى لا تقل اهمية من المنظور الامني لمعالجة قضايا التطرف والمغالاة في الدين.. هل حاولنا تغيير مناهج التعليم لدينا؟ وهل لاحقنا مشايخ الدين وخطباء المساجد الذين يروجون للتعصب وكراهية الآخر مما مهد الطريق للانخراط في العمل الجهادي؟ لماذا تعمد بعض دول الخليج الى تجاهل واهمال دور الثقافة بكل ابعادها من فن وشعر وادب ومسرح وسينما وموسيقى.. هل شجعنا كأنظمة الاندية الثقافية والعلمية والادبية والرياضية وغيرها لمعالجة قضايا التطرف والارهاب؟، قضايا التطرف والارهاب مضى عليها اكثر من ثلاثة عقود (30 عاما) وشهدت دول الخليج والمنطقة عمليات ارهابية والآن دخلت دول الجوار المحيط بنا في حروب طائفية بغيضة ولم تخفف وتيرة العنف رغم كل الاجراءات الامنية المكثفة.
توحيد عمل النيابات العامة ولجان التحقيق لن يجدي نفعا لان طبيعة كل نظام سياسي في دول المجلس تختلف تشريعاتها من دولة الى اخرى حسب بنية كل نظام القانونية، فنحن في الكويت مثلا نأخذ بالنظام اللاتيني بينما الدول الخليجية الاخرى لا تستخدم هذه القوانين ولا تشريعاتها فكيف يمكن توحيد النيابات والادعاء العام والتحقيقات اذا كانت الخلفية القانونية لكل نظام مختلفة عن الآخر؟
دعونا نتحدث عن قضية الحريات ، فكل دولة خليجية لديها منظورها الخاص بالحريات فنحن في الكويت هامش الحريات الصحافية والاعلامية والتعبير عن الذات واحترام حقوق الاقليات مطلوب ودستوري بينما تركز دولة الامارات العربية على قضية الحرية الاقتصادية والتجارية لذلك اصبحت الامارات اليوم مركزا متميزا للحرية الاقتصادية واصبح البلد مفتوحا لمن يريد العمل والاستثمار والسياحة على عكس بعض دول الخليج. الان عندما يتحدث المسؤولون في اجتماع الرياض عن الهوية الوطنية الموحدة للخليج، فأي من المفاهيم سيتم الاخذ بها؟ هل سيتم التركيز على الهوية الخليجية المنفتحة سياسيا (الكويت) او اقتصاديا (الامارات) ام ابقاء الامور كما هي من دون تغيير؟
لقد ابدى نواب مجلس الامة الكويتي رفضهم اي تقييد للحريات كما يرفضون ملاحقة اي فرد واعتقاله من دون نص قانوني. يا قادة الخليج شعوبكم موالية ومخلصة لكم ونتفق معكم حول ضرورة محاربة الارهاب لكن نرفض بشدة اتخاذ محاربة الارهاب ذريعة لمصادرة الحريات وملاحقة الابرياء.