خلونا نحسبها بالعقل، بعيدا عن بطولات الفزعات المبنية على التقديس، ونطرح تساؤلا: هل من ينادي بالحكومة المنتخبة في ساحة الإرادة كردة فعل ستحل مشاكلنا؟ وهل المعارضة الحقيقية مجرد فزعات انتقائية لبعض رموز السياسة أم أن عملها الحقيقي يتمثل بمشروع وطني؟
حسب مفهومي المتواضع للمعارضة، انها تعارض الفساد من خلال طرح مشاريع إصلاحية بهدف تصحيح الاعوجاج مع حرصها على احترام القانون والدستور والحفاظ على أمن وسلامة البلد من أي عبث، وغير ذلك مرفوض مهما كانت المبررات، لأن الخطأ لا يعالج بخطأ أكثر فداحة.
أعلم جيدا.. مدى تعاطف البعض مع مسلم البراك ومع غيره، ولا بأس بذلك، والتعبير في ساحة الإرادة حق مشروع للكل، الا أن مطلب ساحة الإرادة المتمثل بالحكومة المنتخبة للأسف لا يرتقي للواقع الذي نعيشه وغير مجد.. ولا يصح القبول به ما دام مكانه الفعلي يكمن في قاعة عبدالله السالم فحسب، ويجب أن يأتي وفق الأطر الدستورية وغير ذلك يعتبر كلاما فارغا من محتواه ولا يصلح للنقاش، لاسيما أن المطلب أساسا مرفوض من معظم أهل الكويت كون مستقبله مخيفا لاعتبارات كثيرة، أبرزها تتمثل في ثقافة المجتمع التي مازالت قابعة تحت سلطة التعصبات وفقدان الوعي السياسي الواضح في الممارسة الديموقراطية.
ندرك تماما أن محاربة الفساد لن تأتي بأساليب التحدي الخارجة عن روح الدستور والقانون، فمطلب الحكومة المنتخبة في هذا الوقت يؤكد على فوضوية بعض العقول التي تطلب المستحيل من خلال الشارع من دون أي سند يذكر ولا أي مشروع واقعي متفق عليه من اغلب شرائح المجتمع والقوى السياسية.
فمن لا يعرف أصول المعارضة فما عليه إلا أن يبتعد عن ساحتها حتى لا يصور للمجتمع بأن كل معارض يعتبر فوضويا في فكره وتصرفاته، الأمر الذي قد يتسبب في انعدام الثقة لكل من يسعى للإصلاح، ويصبح المعارض الحقيقي منبوذا أمام المجتمع.
من الطبيعي أن المطالب غير الواقعية مثل مطلب الحكومة المنتخبة ستجعل الفاسدين في موقف لا يحسدون عليه لماذا؟
باختصار لأنهم سينقلون صورة غير حقيقية بأن أي معارض هو يعتبر منقلبا على الدستور والقانون، وهذا التصرف يعتبر ورقة رابحة دائما ما يستفيد منها أصحاب المصالح الضيقة، وتجعلهم بموقف قوي وسيملكون غطاء على فسادهم نتيجة ممارسات متخبطة من قبل أشخاص يسمون أنفسهم بالمعارضين وحقيقتهم لا يفقهون أبجديات العمل السياسي السليم والواقعي.
هناك كثير من الحقوق ضاعت نتيجة جهل أصحابها الذين لا يدركون كيفية التعامل مع الأحداث بحكمة وحنكة، والسبب أن أنصار رموز السياسيين لا يعارضون من أجل إصلاح وطن بقدر ما هم يمارسون تقديس الأشخاص وكأن رموزهم معصومون عن الخطأ، وهذا الأمر دائما ما يكون لصالح أطراف أخرى تستفيد من أساليب أتباع المعارضة التي تتخبط نتيجة تحديات لا يدركون مخاطرها على الساحة السياسية.
اختم بمقولة.. الكويت أهم منا جميعا، والمعارضة الصادقة دائما ما تبني أركانها من أجل بناء وطن وليس فزعات مكشوفة.
٭ تغريدة: المطالبة بحكومة منتخبة واقعيا.. ثقافتنا لا تسمح بإدارة جمعية تعاونية أو ناد رياضي من خلال الانتخابات.. هذه حقيقة كلنا ندركها ولمسناها.. فلا تقفزوا لأمر نتائجه مكشوفة.