يعتبر الفرد الياباني، على الرغم مما يبديه من تواضع في تصرفه وحديثه، شديد الاعتداد بنفسه لدرجة تقارب العجرفة. وهو يعتقد أن اسلوب حياته هو الأفضل، سواء ما تعلق بطرق الأكل أو المعيشة الأخرى. وحتى صناعيا يعتبر نفسه الأفضل. من جانب آخر، تعتبر شركة سيارات نيسان، التي تأسست عام 1932، اي قبل اكتشاف البترول في دولنا بعشر سنوات تقريبا، التي تبلغ مبيعاتها السنوية 11 تريليون ين، فخر الصناعة اليابانية، ومع هذا لم تتردد إدارتها، بكل ما في الياباني من عنجهية واعتزاز بطريقة إدارته وصواب رأيه، من التحالف عام 1999 مع شركة رينو الفرنسية للسيارات، بعد أن شعرت بالضعف، والموافقة على تعيين الصناعي العالمي اللبناني ـــ الفرنسي كارلوس غصن، رئيسا لعملياتها، قبل ان تعينه بعدها بعامين في منصب الرئيس التنفيذي، إضافة الى إدارته لشركة رينو! وهذا حدث غير مسبوق في التاريخ الياباني، ودليل على أن الشركة، أو الدولة، عندما تفشل في نشاط او قطاع ما، فلا يعيبها أو يحط من قدرها استعانتها بخبرات خارجية. وقد نجح غصن، ليس فقط في انتشال نيسان من شبح الإفلاس، بل وضع السيارة على قائمة الأفضل، ورفع إنتاجها، خلال فترة قصيرة نسبيا من مليونين إلى 4 ملايين سيارة.
أما في الكويت، فهناك كثيرون الذين يعتقدون أنهم يعرفون الكثير، وهذا شعور وطني جميل، ولكننا نقوم سنويا باستضافة العديد من الخبرات العالمية في الطب لإجراء عمليات جراحية صعبة لدينا، بالتالي لا تعيبنا استضافة خبراء عالميين لمعالجة مشاكلنا الهندسية والإدارية.
فمستشفى جابر، إن انتهينا من بنائه وتجهيزه، فسيكون مصدر صداع لوزارة الصحة، حيث لا تتوافر لدينا الكوادر العليا لإدارته، بسبب تواضع قدراتنا. وإذا كنا حتى الآن قد عجزنا عن ترسية مبنى ركاب المطار فهل يعقل ان بإمكاننا إدارة مستشفى بهذا الحجم؟!
وبالتالي، من الضروري أن تسعى الحكومة للاستعانة بخبرات خارجية، وفي كل مجال تقريبا، لإدارة المشاريع الضخمة لدينا، وإلزامها بتدريب الكوادر المحلية، لتأخذ مكانها ضمن فترة زمنية محددة! وهنا نعتقد أن مشروع بناء مبنى ركاب المطار سيتأخر، إن لم يسلم تنفيذه لشركة إدارة مشاريع هندسية عالمية، أو «كونسورتيوم» مكوّن من ثلاثة مكاتب هندسية محلية عالية السمعة، تقوم بدراسة المشروع ووضع تقدير بالتكلفة، وطرح المشروع في مناقصة عالمية، بعد إلغاء شرط وجود وكيل محلي.
نعود ونقول إن أكبر الشركات العالمية، حتى تلك التي تمتلكها عائلات ثرية، لا يديرها أصحابها، بل تقوم بالاستعانة بخبرات عالمية تدير الشركة، من خلال مجلس إدارة معين، وذلك للنأي بالشركة عن صراعات ومصالح أفراد العائلة.