على عكس ما اعتاد عليه الناس من الصحف والمجلات وبرامج التلفزيون التي تستطلع أمنياتهم مع نهاية عام وقدوم عام جديد، رصدت مع بعض الناشطين في الإعلام الإلكتروني مسحًا ترك للمشاركين حرية (تحديد)؛ شيء، قضية، موضوع، أمر، فكرة، مشكلة تود التخلص منها مع مطلع العام الجديد 2017.
وبعيدًا عن الناس (الحلوين اللطيفين وخصوصًا الأطفال منهم والشباب وخفيفي الطينة الذين أجابوا بإجابات استهزائية من قبيل: أتخلص منكم… أنتحر… أتزوج الخامسة… يطلع لي جناحان)، كان الكثير من الناس يتفاعلون وكأنهم يرغبون في التخلص من أمور تقلقهم وتتعبهم في قرارة أنفسهم، فهي مجرد (شغلة) مسلية حالها حال قراءة الأبراج، ولهذا، تم تقريب النسب بعد اختيار نحو (24 عنواناً تكرر لدى الكثيرين) فقد جاء القلق والإهمال والتأجيل على أعلى القائمة (32 في المئة)، الطائفية والتناحر المذهبي (30 في المئة)، التردد والقلق (23 في المئة)، تفريج همي وهموم كل المسلمين (9.7 في المئة)، تفحيط الشباب (9.5 في المئة)، التخلص من الديون (8 في المئة)، الشجار بين الأخوة (3 في المئة)، التدخين (2 في المئة)، طيبة قلبي (2 في المئة)، شفاء كل المرضى (2 في المئة)، التخلص من الكرش (2 في المئة)، عدم الاستقرار (2 في المئة).
هناك وجوه أخرى للإجابات، تنوعت وتفاوتت في نسبها الضئيلة، ولكن لننظر إليها ولنسقطها على أنفسنا… فهناك من تمنى أن يتخلص من (المشاكل العائلية) وآخر تمنى (التخلص من النوم الثقيل)، ونهاية (البطالة)، الخدامة، شخص أكرهه، بثور وجهي، الانترنت، زوج أختي وزوجته الثانية، الناس المزعجين في حياتي، حنة أهلي على زواجي، أما الناشئة والشباب من الجنسين، وخصوصًا من أولئك الذين يكرهون الدراسة فكانت المدرسة، مادة الرياضيات والإنجليزي، مديرة المدرسة… أكثر الأشياء التي يرغبون في التخلص منها في العام الجديد.
كان البعض صريحًا في تحديد ما يريد التخلص منه: العصبية والتسرع، المنافقين في حياتي، تأخير الصلاة، الخوف من المستقبل وعدم الثقة بالنفس، المخدرات والحشيش، السرقة والقتل، الخلق السيئ، السمنة، الفشل، الوحدة، التسويف، الحروب، رفقاء السوء، الواسطة، الشعور بالإحباط، والقليل القليل من أشار، ولو بشكل عابر، إلى (الإرهاب)، وفي هذا أمر جميل! كيف؟ من وجهة نظري أن الإرهاب مع شدته وتدميره للمجتمعات، إلا أنه لا يسيطر على تفكير الناس حين ينظرون لعام جديد، ولربما وضعوا الإرهاب أصلًا تحت عنوان الحروب أو التناحر الطائفي وكلها بالفعل صور متوهجة بالخطر في أي مجتمع كان.
هل من السهل أن يتحول ذلك السؤال إلى جواب ظاهر إلى العلن… أو على الأقل، معلن لدى المقربين منا؟ أي هل نبوح ببعض ما في دواخلنا من أمنيات في (التخلص) من مشاكل أو عادات أو أمور أو أشياء هي موجودة فينا لإنسان مقرب منا ونصارحه بأننا: نريد إنهاء المشاكل الزوجية في حياتنا، أو من قبيل، أريد تصحيح الوضع مع أخي أختي أقاربي جيراني زملائي ممن ساءت العلاقات وتدهوت معهم. أو هل من السهل إبلاغ من نحب بأننا نريد استقبال العام الجديد بقرار: التخلص من التدخين والمخدرات والسرقة! أو كشف ما في أسرارنا من أمور تؤرقنا ونريد التخلص منها: كتورطنا مع عصابات إجرامية أو مجموعات عرقية قاتلة أو مع فرق تثير الطائفية والكراهية بين الناس!
بالنسبة لي، أرى أن من حقي وحقك وحق كل إنسان أن يعبر عما يشاء ويتمنى مع إطلالة عام جديد، ومن حق الجميع أن يتمنوا التخلص مما يجعلهم في مرارة العيش… فبالتأكيد، ان يصاب الإنسان مثلًا بمشكلة النوم الثقيل أو التدخين أو إدمان المخدرات، أو يعاني من المشاكل العائلية والأسرية أو أن يكون (مضاد للمجتمع سايكوباتيك) يلحق الأذى والضرر بالناس سواء كان طائفيًا أم مجرمًا أم إرهابيًا أم متشددًا… كل تلك الأمور، توقع الحياة تحت النكد والحزن، فلماذا نربط أنفسنا بمثل هذه القيود؟ ولماذا نسمح لها بأن تتسلل وتترسخ في شخصياتنا؟ والأخطر من ذلك، ننقلها إلى أبنائنا؟
جماعة الخير… لننظر إلى كل يوم يمنحنا إياه الله جل وعلا بأنه هدية عظيمة… وكل عام جديد يجيء لنا حاملًا الكثير من الآلام والآمال وأوقات الفرح والحزن، الشدة واللين، ولكن كل تلك الأمور بعين الله سبحانه وتعالى… حسن الظن والتوكل على رب العباد، وزيادة جرعة الإيمان في أرواحنا… قطعًا ستجعلنا نستقبل أجمل الأيام وأجمل الأعوام وأجمل الظروف… كل عام وأنتم جميعًا وأهلكم وأحبتكم وكل البشرية بخير وسعادة… عام موفق بعون الله.