تركيبة مجلس 2016 قد تعكس حالة التقاطع والاختلاف في المجتمع الكويتي فكرياً وسياسياً، وبما تحمل من تناقضات في المواقف والكثير من الموضوعات، وانعكست هذه الخلافات بشكل سريع وواضح في الجلسة الأخيرة عند اختيار اللجان المؤقتة، وخصوصاً لجنة الظواهر السلبية، وكذلك في مناقشة المشهد السوري وتحديداً ما يخص مدينة حلب.
رغم الخلافات الحادة واستمرار الطرح التقليدي الذي لا يخلو من الاستهداف والاستهداف المضاد بين بعض النواب، فإن إيقاع الجلسة بيّن أن مثل هكذا قضايا وأطروحات قد بلغ حد الشبع، ويعود السبب في ذلك إلى عدة أسباب أولها أن بعض النواب لا تتعدى حدود إمكاناتهم هذه المساحة الصغيرة، وثانياً التمسك بالوعود الانتخابية لدى بعض الشرائح المجتمعية وسداد هذا الدين الانتخابي مبكراً، وثالثاً أن تكون بعض القضايا وإن كانت إقليمية تمثل زخماً إعلامياً وخبراً بدرجة كبيرة من الأهمية لا يمكن تجاوزها.
لذلك يفترض ألا نعول كثيراً على أحداث جلسة أمس الأول، ونعطيها أكبر من حجمها الطبيعي على حساب الكثير من المواضيع المستحقة التي يجب أن تأخذ حقها في النقاش والتحليل والوصول إلى قرارات ذات نفع عام، ووفقاً للمصلحة الوطنية التي يتقاسمها المجتمع رغم اختلافاته وتناقضاته، خصوصاً أن المجلس بدأ بالفعل مناقشة بعض تركات المجلس السابق السيئة مثل البصمة الوراثية وقانون المسيء، وبالإضافة إلى ذلك هناك حزمة من القوانين الجديدة بشأن النظام الانتخابي والهيئات السياسية وتنظيمها أخذت موقعها مبكراً على جدول أعمال اللجان، وبالتأكيد ستتوالى العديد من المقترحات الأخرى في ظل وجود شخصيات برلمانية مميزة، ومن شأن هذه المقترحات أو التعديل على المقترحات الحالية إعادة رسم خريطة الحياة بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية في الكويت.
لهذا إن كانت بعض أولويات النواب محدودة وقد أكل عليها الدهر وشرب، فإن هناك مجموعة من الأعضاء يمكن الاعتماد عليهم لقيادة بوصلة المجلس والتفرغ للقضايا الإصلاحية وعدم الانجرار إلى الأجندات الهامشية، وتركها لأصحابها فهذا شأنهم، لأن أهمية المشاريع الإصلاحية تكمن في بعدين مهمين: الأول هو عناوين الموضوعات نفسها، وثانياً، ولعله الأهم، التفاصيل التي تتضمنها هذه المقترحات، وخصوصاً ما يتعلق بالإصلاح السياسي، الأمر الذي يتطلب الكثير من الجهد والتشاور والحشد النيابي لدعمها، وكذلك التأييد الشعبي من خارج المجلس، والحذر من أن تتدخل الحكومة ونوابها في تفريغ هذه القوانين من محتواها وتركها عناوين دون مضمون حقيقي، مثل قانون المحكمة الدستورية وهيئة مكافحة الفساد، أو محاولة بعض التيارات السياسية تخريج هذه القوانين وفق هواها السياسي ومصلحتها الضيقة، كقانون إنشاء الهيئات السياسية، لذا نتمنى من نوابنا الأفاضل، خصوصاً من يعول عليهم الشعب خلال هذه الفترة، أن يضحوا بوقتهم ولا يبخلوا بجهدهم، والأهم أن يكونوا مفتحين باللبن!