ورد على لسان اثنين من كبار موظفي الدولة، والأكثر خبرة وإخلاصا، حقائق خطيرة، حيث ذكر اللواء طلال معرفي أن إجراءات وزارة الداخلية في ما يخص التأشيرات للوافدين أسهمت في تقليص نسبة العمالة الهامشية بنحو %30. وأن عدد سكان الكويت وصل إلى 4 ملايين و200 وربع المليون، منهم مليونان و700 ألف وافد، وبين هؤلاء 90 ألف مخالف لقانون الإقامة، وهذه كلها مؤشرات على اختلال التركيبة السكانية. فأعداد الجالية الهندية مثلا قاربت المليون.
كما ساهم قرار رفع سقف الراتب الشهري للمقيم إلى 450 ديناراً لغرض التحاق الزوجة أو الأبناء، والتشدد بعملية منح الزيارات للعمالة المتدنية والهامشية، وتحديد عدد الزيارات باثنتين في العام الواحد كحد أقصى، في التقليل من التسيب، خاصة ان أعدادا من كبار السن يحضرون الى الكويت للزيارة، ثم يذهبون مباشرة لتلقي العلاج، في مخالفة صريحة للقانون.
ومن جهة أخرى، أكد مدير عام البلدية م. أحمد المنفوحي، ان البلدية أنجزت %50 من الخطة التي تم وضعها لإخلاء المناطق الحضرية من العزاب، وتوفير السكن لهم. وان البلدية مستمرة في قطع التيار الكهربائي عن السكن الخاص غير الملتزم بالقانون. وأنه أعد آلية للقضاء على ظاهرة العزاب، ورفعها لمجلس الوزراء، بغية القضاء على الظاهرة، وتم تكليف هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص للاستعجال ببناء 6 مدن عمالية. كما تم تعديل لائحة المصانع بحيث يسمح للعمالة بالسكن فيها، مؤكداً أن كل تلك الإجراءات حدت من تدفق العزاب الى المناطق السكنية.
كما تم تخصيص أرض من قبل البلدية للشركة أو المقاول الذي يعمل بموجب عقد حكومي، لإنشاء سكن لعمال المشروع. كما أسند لبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي في الدولة مراجعة العمالة للتأكد من تواجدها في سكن المشروع الحكومي. وإن البلدية اشترطت في عقود النظافة الجديدة تخصيص سكن خاص للعمالة، وأن على الشركات الالتزام بذلك أو تعرض نفسها للمساءلة القانونية، مؤكداً تخصيص البلدية أراضي لجهات حكومية عدة في مواقع مختلفة بناء على طلبها خارج المناطق الحضرية.
كل هذا كلام جميل وتكرر ما يماثل غالبيته عشرات المرات من عشرات المسؤولين السابقين، ولكن الحكومة غالبا ما تجاهلت توصيات المسؤولين، لتكبر المشكلة، كما كبرت مشكلة البدون وغيرها، والتي لو عولجت في حينها لوفرت علينا المليارات، هذا بخلاف الأمن الضائع والسمعة السيئة التي اكتسبناها بسبب وجود أكثر من مئة الف إنسان مقيم بصورة غير شرعية.
إن طلال معرفي وأحمد المنفوحي، وعددا قليلا من كبار مسؤولي الدولة، هم من الكائنات المعرضة للانقراض، Endangered Species، ويجب بالتالي على الحكومة الاهتمام بهم والمحافظة عليهم، من خلال تطبيق توصياتهم، فقد سئمنا التأجيل والتسويف والتردد، والإصرار على مراعاة مصالح أصحاب العمارات والمولات، فقد أصبح الوضع مقلقا، أمنيا وماديا، مع استمرار التسيب والاختلال في التركيبة السكانية، وما يرافق ذلك عادة من تردي الوضع الصحي والتعليمي والأمني!