ورد في عظة ألقاها البابا، قبل فترة في ساحة «القديس بطرس» في الفاتيكان، التالي: «… أفكر هنا في بعض المحسنين الذين يأتون الي مع تقدماتهم التي يودون إعطاءها للكنيسة، ولكن تبرعاتهم المالية هذه تكون أحيانا ثمرة دماء الكثيرين، ونتيجة استغلال المظلومين والمستعبدين من البشر. ولهؤلاء أقول: من فضلكم، خذوا شيكاتكم معكم واحرقوها، فالكنيسة في غنى عنها..».
تذكرت وانا اقرأ هذا الكلام عدد المساجد التي مررت فيها، والتي تحمل اسماء من اعرف جيدا، من واقع عملي المصرفي الطويل، ومن اين أتوا بتلك الأموال؟ ولكن تلك قصة أخرى.
***
كتبت قبل فترة مقالا عن التحولات التي يتوقع أن تتعرض لها الكنيسة الكاثوليكية، الكنيسة المسيحية الأكبر، على يد رأسها الحالي، البابا فرنسس، في مواضيع الطلاق واستخدام حبوب منع الحمل، وتحريمها للاجهاض، وترسيم المرأة قسيسة، وغير ذلك من أمور حيوية، كونها الكنيسة الأكبر والأكثر تشددا في العالم، والتي يبلغ عدد أتباعها مليارا ونصف المليار تقريبا، اي أكثر من نصف مسيحيي العالم. يتواجد %40 من الكاثوليك في أميركا اللاتينية، و%24 منهم في أوروبا، خاصة في جنوب وغرب القارة. ويعيش %16.1 من كاثوليك العالم في أفريقيا، والبقية في آسيا. ويشكل الكاثوليك الأغلبية السكانية في 67 دولة. أما أكبر دول الكاثوليك في العالم فهي البرازيل، تليها المكسيك فالفلبين والولايات المتحدة وإيطاليا.
إن التغيرات التي يزمع البابا إحداثها، وما سبقها من مرونة كنسية، جذبت للكنيسة الكثيرين، والمسيحية اليوم تنتشر بسرعة كبيرة، بعد ان اصبح الانتساب اليها أكثر يسرا، وتماشيا مع العصر، وليس من المعيب ان يقتدي الآخرون بهم. فقد تغيروا وتطوروا ولكنهم بقوا في أوج قوتهم دينيا وعددا وثقافة وعلما، فلم يصعب على غيرهم التطور والتقدم وجعل عباداتهم اكثر يسرا، وتماشيا مع العصر؟
من المهم أن نبين هنا أن الروم الملكيين الكاثوليك، الذين ورد ذكرهم في مقالنا السابق، والذين يمثلون كاثوليكيي الشرق، كانوا أصلا من اتباع الكنيسة الأرثوذوكسية، ولكنهم قاموا عام 1724 بقيادة البطريرك كيرلس السادس، بالانضمام الى الكنيسة الكاثوليكية في روما بعد أن ابدوا رغبتهم في الانفصال عن الأرثوذكسية بسبب قوانينها الكنسية الثقيلة التي فرضت عليهم. وقد رحب بابا روما، المنتخب حديثا حينها، بينيديكتوس الثالث عشر بطلب كيرلس الانضمام اليه، مع مَن تبعه من الروم الملكيين، واعتبرهم كنيسة حقيقية في شركة تامة مع الكنيسة الكاثوليكية، ومنذ يومها أصبح الروم الملكيون جزءا من الكنيسة الكاثوليكية، وفي انفصال تام عن بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس.
ومن المعروف أن الكنيسة الكاثوليكية تدير المدارس والجامعات والمستشفيات والملاجئ ودور العجزة في بلدان عديدة، ولها دور ونفوذ سياسي في الكثير منها.
ننتهز هذه المناسبة لنتمنى لأتباع جميع الكنائس في الكويت عيد ميلاد مجيدا، وسنة أكثر محبة وسلاما وتسامحا.