“تنويع مصادر الاقتصاد” هو الهدف الرئيس لتحقيق “رؤية المملكة 2030″، وهو كذلك المشترك بين دول مجلس التعاون، وذلك من خلال زيادة معدل النمو وتمكين القطاع الخاص للقيام بدور أكبر، ورفع إنتاجية المواطن ـــ ذكرا كان أم أنثى لا فرق. والهدف المشترك بين دول المجلس هو تحقيق التناغم بينها، وهي التي تتشابه جميعها في ظروف الاقتصاد مع المملكة. وعلى الرغم من تشابه الأساس الاجتماعي، يبقى للأنظمة المحلية دورها في تسهيل أو تشكيل تحد في طريق التحول، ولا سيما أن لكل دولة مستوى انفتاح متباينا، أو فيما يخص تهيئة القاعدة للاستثمار الأجنبي، مساحة وعدد سكان، فضلا عن شخصية عامة للمجتمع. وما يميز اقتصاد السعودية أن حجم اقتصادها يشكل نصف حجم اقتصاد دول الخليج مجتمعة، فهي إحدى دول مجموعة العشرين التي تملك أكبر اقتصاديات العالم.
وبما أن القطاع الخاص هو عصب رئيس في تنويع الاستثمار، فتصحيح ما يتعلق بموقع المرأة من هذا الأمر يعزز مشروع التحول الطموح. في تقرير صادر قبل نحو ثلاث سنوات، قدرت الأموال النسائية في الخليج بنحو 1.125 تريليون ريال (300 مليار دولار)، حصة السعوديات منها نحو 375 مليار ريال (100 مليار دولار). وهناك تقرير من صندوق النقد الدولي حول دور الثروات النسائية في المساهمة في النمو الاقتصادي في 15 دولة عربية وكانت السعوديات في المرتبة السابعة، بينما احتلت الكويتيات المرتبة الأولى. ويعد الأمر مفارقة أن تكون السعوديات في المركز الأول في حجم الثروات والسابع في المشاركة الاقتصادية، على الرغم من أن السعودية هي أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط. ولطبيعة الحياة الاجتماعية، فإنه يمكن توقع شكل الثروات النسائية بأنها موروثة. ومع ذلك، يتنامى خلال الأعوام الأخيرة عدد السجلات التجارية النسائية في وزارة التجارة السعودية بما يتجاوز الآن مائة ألف سجل تجاري، ويصل حجم النمو نحو 50 في المائة خلال العقد الأخير. والسؤال يدور حول طبيعة هذه السجلات هل تدار من قبل النساء أم من أقاربهن أم مجرد عمالة متسترة. إلا أن الأهم في الأمر أن جل هذه الأموال هي ساكنة في حسابات بنكية أو في العقار كاستثمار جامد.
لا شك أن الحكومة دعمت وجود المرأة في مجالس الأعمال ومجالس الغرف التجارية، ويمكن أيضا ملاحظة النمو في السنوات العشر السابقة بأن أصبح للجيل الجديد من سيدات الأعمال حضور واضح في المشهد الاقتصادي السعودي. إلا أن هناك فرصا كبيرة نائمة تتطلب المرحلة تحويلها إلى شريك فاعل، ولا سيما أن الأسباب الجوهرية التي تقف عائقا قد تتعلق بالوضع الاجتماعي، كما أن الأهم هي الأنظمة التي تخص أهلية المرأة وحقوقها أو فرص دخولها في سوق العمل بشكل متوسع وحر ومستقل يكسبها خبرات، بدلا من الارتهان إلى ولاية الرجل في الوكالات والتسهيلات، وهو الأمر الذي بسببه قد يحجم كثير من النساء عن العمل التجاري والاستثماري، بسبب غياب الثقة أحيانا أو محدودية الفرص والمشاريع التي قد تفكر فيها المرأة لأسباب مختلفة. وضع الأموال في حسابات مصرفية محلية نوع من المساهمة الاقتصادية، إلا أن المساهمة الإنتاجية الأهم هي في ضخ الأموال من خلال الاستثمار في القطاع الخاص. لقد خصت الرؤية تعزيز فرص المرأة في سوق العمل السعودية، وأمام المملكة الآن تحدي تعبيد كل ما يمكن أن يعوق الطريق أمام النساء.