أحياناً، وما أكثر هذه الـ «الأحيان»، أتمنى لو أنني أتسلق حتى أصل إلى قمة برج خليفة، أو برج المملكة، أو حتى برج الدلو، المهم أن أصل إلى نقطة عالية جداً، يستطيع أهل مشارق الأرض ومغاربها رؤيتي وسماعي، لأحدثهم عما يجول ويصول في خاطري.
لا أخص هنا شعوب أوروبا وأميركا فقط، بل كل شعوب الأرض ودولها وممالكها، بما فيها ممالك النحل والنمل.
كنت أتمنى أن أقول لهم: «لسنا بهذه الصورة المتشكلة في أذهانكم، فأغلبيتنا تكره داعش وحزب الله، وتمقت فيلق بدر، وتزدري بوكو حرام، وغيرها من أصحاب سكاكين الذبح الطائفي».
كنت أتمنى أن أقول لهم: «لسنا مخبولين ولا متخلفين لنكذّب العلم، وننكر دوران الأرض، والصعود إلى القمر، وننسف، بكل بساطة، جهود العلماء، وعقولهم، ومليارات الدولارات التي صُرفت على البحوث.. ننسفها ونحن نضع رجلاً على رجل، دون أدنى مجهود».
كنت أود أن أشرح لسكان الكوكب، والكواكب الشقيقة، أننا نعترف بجهود علماء الطب في العالم، والباحثين في الخرائط الجينية، ومطوري المضادات الحيوية، ونسخر، أكثر منهم، ممن يدّعي أنه وجد علاجاً لأمراض مستعصية، عبر وضع حبة البركة وحبة زيتون، وزيت الخروع، في وزر (بول) الناقة، قبل أن يختم محاضرته المانعة بجملة «هذا دواء للأمراض التالية»، ويعدد مجموعة من الأمراض، قضى عليها كلها في دقيقة واحدة.
كنت أرغب في توضيح نقطة مهمة جداً، للعرب قبل الآخرين: «لسنا كلنا، كما تتصورون، مجموعة من الجهلة، يملكون النفط والمال والذوق الفظيع، ويتنقلون بين الملاهي والبغايا، ويتمايلون لفرط سكرهم الدائم، ويستغفلهم الآخرون، ويفقدون سيطرتهم على عقولهم لمجرد رؤية جسد امرأة، والله لسنا كذلك».
كنت أود أن أصرخ من فوق أعلى قمة: «علي الطلاق لسنا كذلك»، لكنني تذكرت مقولة العلامة الوردي: «لا تقنعني بجميل الحديث، بل بجميل الفعل».