الكويت أمس كانت “عاصمة القَسَم”. مجموعة من النواب أقسمت على أنها لم تخن تعهداتها والتزاماتها في فترة الانتخابات، بينما الأرقام والنتائج تثبت أن بعض هؤلاء الذين أقسموا قد كذب مرتين! والسالفة وما فيها، كما نقول في لهجتنا، هي أن عدداً من النواب كانوا قد أقسموا الأيمان المغلظة، أو تعهدوا، في حال نجاحهم في الانتخابات، بأن يمنحوا أصواتهم للمرشح شعيب المويزري، في انتخابات رئاسة البرلمان، وبعضهم اكتفى بالقسم على ألا يمنح صوته للمرشح مرزوق الغانم، الرئيس الحالي.
بلغ عدد الذين نجحوا في الانتخابات ممن أقسموا أو تعهدوا أثناء الصراع الانتخابي، نحو سبعة وعشرين نائباً، كما يتردد بين الناس. لكن الذين بروا بقسمهم أو تعهدهم، كانوا خمسة عشر نائباً فقط، إذا أسقطنا المويزري والرومي من الحسبة باعتبارهما مرشحين. وهذا يعني أن اثني عشر نائباً بدأوا حياتهم السياسية بكذبة ونقض للعهد وفجور في القسم.
البعض، من هواة النظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، يرون أن لدينا رقماً مشجعاً، ويصلح نواة للمعارضة. فهناك سبعة عشر معارضاً (الخمسة عشر نائباً يضاف إليهم النائبان المرشحان للرئاسة، اللذان لم ينجحا فيها) سيتمكنون من التأثير على قرارات البرلمان وقوانينه. أما عشاق النظر إلى النصف الفارغ من الكأس فيرون أن الرقم الذي خان تعهده وقسمه رقم كبير مخيف.
وفي رأيي أن الرقم هذا ليس مقياساً ولا معياراً، فالأعداد تزداد وتنقص طبقاً للقضية المطروحة. فمثلاً في موضوع الجنسيات قد يكسر الرقم حاجز الثلاثين. في حين قد ينخفض الرقم في موضوع الدوائر الانتخابية، أو تتغير الشخوص. أما في موضوع “قانون المسيء” فسيرتفع العدد. وهكذا…
وبصورة عامة، الوضع ليس كما كنا نتمنى، لكنه بالتأكيد ليس سيئاً، خصوصاً في الملفات الكبرى، التي سيحكمها التصويت العلني، تحت ضوء الشمس، والكذب يسيح تحت الشمس، كما تعلمون.