منذ بدأ الله الخليقة كانت كلمة السر الأقوى في نشأتها هي الحب، سماه علماء الأحياء بالانجذاب، وسماه آخرون بالفطرة، وهو موجود بقوة وراء كل حركة في حياتنا، وبالحب هذا كانت الأسرة، فنشأت في بداية الخليقة لترعى المجتمع نحو التقدم والرقي والازدهار، فالحب منبتها ومحركها، ولو فقدت تلك الأسرة محركها في الحياة لصارت هامدة خامدة لا روح فيها.
وحينما نتكلم عن عصرنا هذا سنجد أن الحب فيه، لكنه يتوارى خلف معطيات الحياة ومستلزماتها، يتوارى خلف رتابتها ومللها، نعم إنه ربما يتوارى ويضعف لكنه لن يموت، ولا بد أن يعود الحب إلى أسرتنا مرة أخرى يقويها ويزيد من صلابتها، وفي ديننا الحنيف ما يحث على ذلك، ومن رسولنا الكريم تعلمنا هذا، سواء من سنته القولية أو الفعلية.
فلننظر مقدار الحب والعطف الذي كان يناله، صلى الله عليه وسلم، من زوجاته، ومدى محبته، صلى الله عليه وسلم لأبنائه وبناته وأحفاده؛ لنعرف أن للأسرة مكانتها في الإسلام الحنيف، وحينما نتكلم عن صلة الأرحام وأهميتها في الدين فإن الدين يوضح لنا بلا إجبار منه المحافظة عليها، فالدين لا يجبرنا أن يحب بعضنا بعضا لكنه يقول لنا إن ثمرة تدينكم الصحيح هو محبة بعضكم بعضا.
أي أن الحب والترابط الأسري هما نتيجة مؤكدة لعلاقة صحيحة وقوية بالدين، فالمؤمن الصالح هو من يفيض منه الحب على الناس، وبالأحرى أسرته، فالرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يقول: “خَيْرُكُمْ خَيْرَكُمْ لأهلِهِ وأنا خَيْرُكُمْ لأهلِي”، وبهذا فإن الأسرة ككل من أب وأم وأبناء لها الدور الأسمى في بناء المجتمع، وترابطها قوة لهذا المجتمع.
ظنكم لكم وحسن نيتي لي ورب البيت كريم.