ها هي معارضة آخر زمن تكشف عن وجهها القبيح، وتعلن جهارا نهارا عداءها السافر ليس للحريات والفكر، بل لكل ما هو مدني وكل ما هو متقدم، وليس هناك استثناء ولا رحمة إلا لمصالحها وعقائدها البالية.
يسعون حاليا، او يوم امس بالتحديد، للدفاع عن مسلم البراك وللتعبير عن تضامنهم معه، ربما هذا حقهم، رغم ان السيد البراك ليس سجين رأي تماما، فهو بالاصل متطاول من وجهة نظر القضاء ــ وفقا للحكم الصادر بحقه ــ بمخالفة المادة 54 من الدستور «الامير رئيس الدولة وذاته مصونة لا تمس». وذلك من خلال إصراره على المساس بالذات الاميرية. ودستورنا واحد. ومن يحرص على احترام حقوقه فعليه ايضا ان يعرف حدوده. مسلم البراك كان له ان يعبّر عن رأيه، وان يحقق هدفه، وان يوصل رسالته من دون حرف «الكاف». وكان القاصي سيفهم مثل الداني مقاصده، لكن مسلم البراك حرص على ان يبرز، وان يرفع السقف، وليس ذنب احد ان السقف ارفع من مسلم واثقل من طاقة مَن حوله.
يسعون للتضامن مع مسلم البراك، ونحن ايضا نتضامن مع كل سجين رأي مع ملاحظة التحفظ اعلاه. وذلك من خلال تحريضهم السلطات على الغير، وإصرارهم العجيب والغريب على ان يحاكم وان يلاحق بقية اصحاب الرأي لتبرير سجن وادانة مسلم البراك.
الدفاع او التضامن مع النائب السابق يجب ان يكون دفاعا عن حرية الرأي، والتزاما بحق التعبير بشكل عام. الجماعة لانهم اصلا على عداء مع الحرية، وفي تضاد وتناقض مع الفكر، يستغلون الواقعة للهجوم على الحريات ومطالبة السلطة باعتقال فلان او حبس علان او تشديد العقوبة على غيره. تماما كما فعلوا سابقا عندما مهدوا للقمع وللتطاول الحالي على الحريات، عندما ضغطوا على الحكومات ووزراء الاعلام المتعاقبين لتسكير قنوات وصحف وبقية وسائل ما اطلقوا عليه بالاعلام الفاسد.
فاقد الشيء لا يعطيه، ومن تربى على تقديس الموروث وحفظ التقليد والعادات، لن يكون معنيا بالدفاع الحقيقي عن حرية الرأي والتعبير. لان المحافظة على هذه تتطلب اول ما تتطلب كبت الرأي وخنق الفكر.. لهذا ان كنت قلت لجماعة المعارضة الفقوها يوم امس، فهو ما يستحقون، ولو زدت اليوم فوقها.. إنكعموا.. فإني لم أظلم احداً.