في ذهن معظم السياسين لدينا غنيمة أو صيد يسعى الى الظفر به هذه الأيام، وهو سمين بالنسبة للبعض منهم، وهو يشبع رغبات شخصية لدى البعض الآخر، أو هو صيد وبس للبعض الثالث، أيا كانت طبيعته وقيمته، وجميعهم يبيع الوطن وصولا الى صيده، بل ويتسلق على ظهور الآخرين، وإليكم ما أقصده بصيد السياسيين.
فلنشاهد معاً ذلك المرشح الذي قاتل للوصول الى مقعد البرلمان، وحتى يحقق ذلك فقد أطلق وعوداً زائفة، وتكلم بعكس قناعاته، وتنازل عن جزء من احترامه، وحمل نفسه بأفضال وجمايل للآخرين، وتلونت لديه المبادئ، ووضع قيما محددة على الرف، بل وعقد تحالفات ورتب صفقات من أجل أن يحظى بمقعده، فلا يرتجى منه أن يكون مصلحا ولا صادقا، ولا يمكن أن تكون مصلحة الوطن نصب عينيه، ولذا فهو قد ظفر بصيده، لكنه نسي أو تناسى أن من ملك المال والنفوذ والجاه لم ينل بالضرورة رضا الله، بل ولم يملك السعادة ولا حب الناس، وسرعان ما زالت تلك الأمور عنه بحياته، ونفر الناس منه لأن حبهم والتفافهم حوله كان لأجل ماله أو جاهه أو نفوذه تزول بزوال وجودها، بل ومنهم من مات تاركا ذلك كله، ولم يترك خيرا لا لدينه ولا لدنياه، وبعد أن تبدأ عجلة المجلس بالدوران سيكتشف الناس خواءه وضحالته، وأنه لا يستحق هذا المقعد، ولم يدرك أو ربما يدرك متأخرا انه لهث وراء صيد لا يستحق ذلك العناء والشقاء.
ولنتابع ذاك الذي سعى الى التوزير، وهو يعلم أنه لا يستحق الوزارة، بل أن كان من قصد توريطه بهذا التوزير ليس حباً له ولا براً به، بل لأنه يرغب في أن يستخدمه، لأنه يدرك بأخذه ما لا يستحق، وهو أقل تأهيلا من أن يكون في موقع الوزير، حيث انه لم يأت الى الوزارة لمؤهلاته السياسية ولا لقدراته التكنوقراطية، ولا لتفوق في الأداء، بل هو أداة من قبل من ورطه، وان استنفد غرضه تم إنهاء وجوده السياسي، وله فيمن مضى قبله على هذه السكة وبهذا الطريق عبرة، ولكن من يدرك أنه صيد بما لا يستحق.
لكن ما يخيف وما يقلق هو أن هناك من أصحاب النفوذ والتأثير بالمال من حوّل ذلك الصيد إلى طعم لمطامحه وترتيباته، حتى أن الأمر بلغ وضعاً أن ذلك العضو وهذا الوزير لم يعد أي منهما سوى أركوز في اللعبة السياسة المؤلمة، يتم تحريكه بحبال ربط الصور، التي يحوز عليها من هم من وراء الكواليس، وهم اللاعبون الحقيقيون الذين بيدهم تحريكه، فترى وجودهم من خلال صراع يخوضه هؤلاء نيابة عنهم، وتلمس قوتهم من خلال مشاريع تُرسى، وقضايا تثار، ومحاسبة تُفتعل، أو تشريعات تُرتجل، أو مناكفات تجلب جعجعة ولا تورث طحينا، ولذا فهو صيد من لا يستحق بما لا يستحق.
لست متشائماً، لكنني أيضا لست متفائلا، فالمجلس الحالي ومعه الحكومة القادمة بأشخاصها ومؤسساتهما أمام تحدٍّ حقيقي ألا وهو أن البلد ظفر بغنيمة وفيرة، أو أنه ابتلي بصيد من لا يستحق بما لا يستحق، ولنرَ ماذا يحمل لنا القادم من الأيام، وهل سيتحقق التغيير أم من بالفخ صيد كغيره ممن مضى؟