أكثر سؤال يحوم حول رأسي في كل جلسة افتتاحية للبرلمان: “هل يمكن أن يردع القسم الدستوري اللصوص من النواب، ويجعلهم يتراجعون عن نواياهم، مخافة عدم البر بالقسم؟”، والإجابة المتكررة دائماً ما تكون بلا كلمات ولا حروف، بل بإلصاق اللسان في سقف الحلق ومد الشفتين إلى الأمام، دلالة النفي القاطع.
وكنا ذات افتتاح في ديوانية أحدنا، نتابع تفاصيل الجلسة الافتتاحية، للاطلاع على مضمون الخطاب الأميري، وخطاب رئيس البرلمان، وانتخابات الرئاسة، وغيرها من الأحداث التي تُرسم في الجلسة الافتتاحية… وجاء دور القسم الدستوري، فوقف كل نائب يقسم على احترام الدستور وقوانين الدولة، وأن يذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأن يؤدي أعماله بالأمانة والصدق.
فسألت الأصدقاء: كلنا نعرف اللصوص من هؤلاء النواب، ونعرف الراشي والمرتشي، ونعرف أن القسم لن يردع هؤلاء مثقال ذرة، ولن يردّهم عن نواياهم، ومن الجهة المقابلة، لن يكون هو السبب في أن يحافظ الشرفاء على شرفهم وأمانتهم، إذ سيبقون، كما هم، شرفاء مخلصين حتى من دون قسم… وإذا كان الأمر كذلك، فما الداعي إذاً للقسم؟
راح الحديث وجاء عن أهمية القسم وعدم أهميته، وكيف أنه يُستخدم في دول العالم المختلفة، قبل أن يجلس مسؤولو تلك الدول على كراسيهم، ويستخدم كذلك في المحاكم في دول العالم المختلفة، خصوصاً للشهود… لكننا اتفقنا على أنه لا يردع هذا ولا يمنع ذاك، وأن اللص لن يرفض السرقة أو الرشوة وهو يمسح دموعه خوفاً من قَسَمه.
فطرحت فكرة: ماذا لو أُلغيت مادة القسم من الدستور، حفاظاً على جلالة المقام الإلهي من ألسنة اللصوص، خصوصاً بعد أن تحول هذا القسم العظيم إلى بروتوكول شكلي لا تأثير له عند ضعاف النفوس؟ فكانت الإجابة الغالبة: إن طرحت الفكرة فسيخرجونك من الملة. وهأنذا أطرحها.