يقول دنيس ديدرو: لا تحدثني كثيرا عن الدين، دعني أراه في سلوكك واخلاقك وتعاملك! وقال: لم يسبق لفيلسوف ان قتل رجل دين، ولكن رجل الدين قتل الكثير من الفلاسفة!
يعتقد المسلمون، والعرب بالذات، أنهم أفضل «تديناً» من غيرهم، وأنهم على صواب والبقية على ضلال! وقد يكون مثل هذا الشعور هو نفسه، الذي يكتنف فكر ووجدان أتباع الديانات الأخرى، وإن بصورة أقل عنفاً! وقد نقبل بهذا المنطق لو كان المسلمون متفقون على رأي واحد، ولكن الواقع غير ذلك، فكل فريق يكفر ويؤثم الفريق الآخر، وبالتالي لا مجال للاعتقاد بأن الجميع على حق! ولو نظرنا للفكر السلفي، الذي يعتقد أتباعه أنهم الأكثر تمسكا بالدين، ونهجهم هو الأصح، لوجدنا ضعفه يظهر بمجرد مواجهة تعقيدات واسلوب العصر، الذي يتضمن عددا كبيرا من التحديات، التي لا يمكن مواجهتها والتغلب عليها بفكر لا يمتلك غير سلاح النصوص. ولا عبرة هنا بالطبع بالنوايا الحسنة، فلا فضل لأحد على الآخر إلا بقدر ما يعطي البشرية من خير. وبالتالي نجد أن «الغرب الكافر» هو الوحيد الذي أعطى، ولا زال يعطي البشرية الافضل منذ 250 عاما، ومن الصعب علينا أن نصدق أن «جماعتنا» أفضل من غيرهم، وهم الذين لم يكتفوا بعدم تقديم اي فائدة للبشرية منذ بدايات وجودهم، بل وزادوا على ذلك بالتسبب في الكثير من القتل والدمار في عشرات الدول، وغالبا باسم الدين! وبالتالي فإن كل من يعتقد أنه، وعرقه أو شعبه، لسبب أو لآخر، أفضل من غيره، كما توهم يوما هتلر، هو واهم أو مجنون، وتفكيره دليل عجز في التعامل بإنسانية مع الغير. كما أن أفضل الناس أكثرهم فائدة لهم وليس بالضرورة أكثرهم تدينا.
ونظرا لكون الأفكار السلفية متعددة ومتنوعة، فمن المحتم أن تتحول هذه الاختلافات إلى صراعات حادة بينها، لاعتقاد كل طرف بأنه الممثل الشرعي لعقيدة الأمة، وصاحب الفرقة الناجية. وبصيغة أخرى نقول إن السلفي، أيا كان، لا يحاور أحدا لأنه يؤمن بأنه أفضل من غيره، حتى لو كان هذا الغير أكثر منه علما. والمؤسف أن رفض الفكر الآخر أو الانفتاح عليه يعود أساسا لنزعة الخوف من كل جديد، فكل جديد يعتبرونه بدعة.. وبالتالي لا يؤمن هؤلاء بالديموقراطية، مهما قالوا عكس ذلك، لأنهم يرفضون أساسا فكرة الحوار، فالآخر إما أن يقبل بفكرهم أو يتحمل نتيجة رفضه، وكل مخالفة حكمها إما الاستتابة أو قطع الرأس وليس بين الاثنين حل ثالث.