أعلن رئيس نيابة الاعلام والمعلومات والنشر ان القضايا المحالة الى نيابة الاعلام بلغت 484 قضية. وان 384 منها أحالتها وزارة الاعلام. وذكر ايضا ان نيابة الاعلام تختص بالجرائم التي تمس الذات الالهية او القرآن او الانبياء او الصحابة او زوجات النبي او تمس امير البلاد.
اللافت للنظر هنا ان القضايا المرفوعة ضد حرية الرأي هنا بلغت خمسمئة قضية. واللافت اكثر ان ذات حضرة صاحب السمو المصونة دستوريا تأتي في آخر اهتمامات وزارة او نيابة الاعلام. مع الاشارة الى ان ايا منهما ليس له ذنب في ذلك، حيث ان الاولويات مقتبسة كما هي من قانون المطبوعات والمرئي والمسموع.
خمسمئة قضية.. هذا يجعل منا مجتمعاً معادياً للحريات، ومشغولاً بتعقب الفكر ومطاردة الرأي. خمسمئة قضية، ما يوزاي اربعمئة منها رفعتها وزارة الاعلام! ليس لدي مرسوم انشاء الوزارة التعيسة.. لكنني اظن ان مهامها نشر الثقافة وترويج الفكر وخدمة السياسات الحكومية.. وليس من مهامها ملاحقة خلق الله وتصيد هفوات الغشم وحسني النية من المواطنين.
ورجاء ان يلفقها من يريد ان يلوم الحكومة كالعادة على محاربة الحريات، فهذا العداء للحريات والتكالب على مصادرة حرية الرأي لم يمارس لا في الستينات ولا السبعينات ولا حتى الثمانينات. صحيح جدا ان «الانترنت» قد وسع من فرص ملاحقة حرية الرأي، هذا صحيح، ولكن الاكثر منه صحة اننا لم نشهد هذه «العناية» بمصادرة حرية التعبير الا بعد بروز معارضة آخر زمن، وفتحها الباب واسعا امام الحكومة لتوجيه اهتمامها نحو محاربة حرية التعبير عبر المناشدات والتظاهرات، وحتى الاستجوابات التي اضطلعت بها تلك المعارضة، والتي دفعت الحكومة دفعا في كثير من الاحيان واغوتها فيما تبقى على محاربة حرية الرأي.
التشدد في قمع الحريات حصيلة جهود اجتماعية او شعبية، ولم تفعل الحكومة اكثر من ركوب موجة العداء وتسخيرها لخدمة اغراضها. ويكفي هنا ان مئة قضية اي اكثر من عشرين في المئة من القضايا تم رفعها من قبل مواطنين. كما اول من طالب بتشديد العقوبات كان اعضاء مجلس الامة، مثل احمد باقر وفيصل المسلم ووليد الطبطبائي وبقية الجوقة. وآخر من شدد العقوبات قانونيا بسن عقوبة الاعدام لاصحاب الرأي هم المعارضة المذكورة. فمرة ثانية رجاء الفقوها.. ولا كلمة.