سؤال لسمو رئيس الحكومة، رد رئيسة الهيئة العامة للزراعة السيدة نبيلة الخليل على أسئلة للجنة التحقيق في الحيازات الزراعية، ويفترض أن يكون سموه على علم بها قبل أن تنشرها جريدة الجريدة، وحسب ما نشرته “الجريدة”، فإن بعض القسائم وُزِّعت لأقارب رئيسة الهيئة، في وقت كانت فيه السيدة نبيلة نائبة لرئيس شؤون الثروة الحيوانية لا الزراعية كما تقول، مما يتصور، أنها بذلك تدفع شبهة استغلال الوظيفة العامة، وأنها لم تستغل منصبها الوظيفي على حساب المصلحة العامة!
أيضاً، ورد في أجوبة السيدة نبيلة عن توزيعات لقسائم “ربما” أو “قطعاً” فيها تنفيع للبعض من نخب “إن حبتك عيني ما ضامك الدهر”!
بطبيعة الحال، ما كشفت عنه السيدة نبيلة في إجابتها للجنة التحقيق ليس كل القضية، فهناك الكثير الذي يبدو أنه لم يظهر بعد، فمثلاً، لا أعرف ما إذا كان سيتم توضيح مصير قسائم خصصت للديوان الأميري، وهل تم توزيعها من الديوان لبعض المواطنين، ومآل توزيعاته، وهل المستفيدون من توزيعات الديوان أو المستفيدون مباشرة من الهيئة أيضاً، بدورهم، من منتخب “إن حبتك عيني” أم لا؟!
أمام سمو الرئيس واقعة، بالتأكيد، وبعلمه تمثل الجزء الظاهر من جبل الثلج العائم، أو لنقُل، انسجاماً مع طقسنا، إنها عينة وحفنة تراب ضئيلة من رياح الغبار التي نتنفسها الآن والتي حتماً ستخنق صدور أبنائنا، تلك التوزيعات لأرض ليست زراعية ولا حيوانية بحكم القدر البيئي الصحراوي، بل تم “تزريعها وحيونتها” لتناسب اقتصاد الهدايا وتوزيع الثروة على بعض المواطنين حسب ثقافة “أعطه صرة من بيت المال” التراثية…
أياً كان عليه الأمر، فتوزيعات قسائم “القمح” الكندية، وقسائم الحيوانات “النيوزيلندية” هي مجرد حكاية عابرة، من حكايات ألف ليلة وليلة، لم تبدأ بالاستثمارات الخارجية والناقلات، ولم تنته مع ملايين التأمينات الاجتماعية التي طارت مع رياح جبال الألب السويسرية، فهي صور قبيحة لواقع حال الدولة، وإن كان في الماضي، يمكن دسها تحت السجاد، إلا أنه لا يمكن اليوم، مع وضع تدهور سعر النفط، أو مجرد التفكير في مستقبل الدولة فيما بعد النفط، الاستمرار بذلك النهج المتراخي واللامبالي…
سمو الرئيس أقررت قبل أيام بواقع الفساد، وانتشار جرائم الرشى المستوطنة في مؤسسات رسمية أنت اليوم ترأسها وتتحمل مسؤوليتها، والإقرار بواقع الفساد ورخاوة أجهزة الدولة قضية، والعمل على اجتثات دمامل الفساد وضبط جهاز الدولة مسألة أخرى، ونعلم أن الحل ليس بسيطاً، ويتطلب تفكيك مؤسسات الدولة عن بكرة أبيها وإعادة تركيبها وفق سلطة معايير الحياد وحكم القانون، بدلاً من ترك تلك المؤسسات المهترئة بوضع المخيمات الخاصة للبعض… وبالتأكيد هناك تكلفة سياسية، وستكون باهظة الثمن، يتعين دفعها من الحاضر لأجل المستقبل، فهل أنت على استعداد لدفعها…؟!