طوت النيابة العامة ملف ما يعرف بالتحويلات المالية لقضاة في المحكمة الدستورية بحفظ البلاغات الثلاث، ولعل أهمهم بلاغ القضاة والذي على ضوءه انتقلت النيابة العامة الى المملكة المتحدة والإمارات (دبي) للقاء مسؤولي بنك “كوتس” البريطاني والذي بدوره نفى وجود حسابات أو تعاملات بنكية أو تحويلات مالية باسماء القضاة.
منذ اليوم الأول لظهور المستندات في “تويتر”، وذلك بعد ندوة ساحة الإرادة والتي عرض فيها النائب السابق مسلم البراك أوارق تكاد تكون متطابقه مع ما تسرب لاحقا عقب الندوة، كان الشك يحوم كثيرا حول صحة المستندات، ظهر فريق يحمل الكثير من الأدلة والمستندات لاثبات زيف الأوراق، في المقابل كان هناك طرف آخر يدعو الى اللجوء لمؤسسة دولية مستقلة لتتبع الأموال والتحويلات اياها للوصول والوقوف على حقيقتها، وكل فريق تمسك برأيه بشكل قاطع.
اعلم أن هناك مستندات لتحويلات مالية لدى النائب السابق مسلم البراك، وهي ما عرضها في “الإرادة” ولكنه لم يتهم فيها القضاة الثلاثة وإن كانت هناك تلميحات يمكن من خلالها الوصول الى المعنيين، ولكن لن ندخل في النيات ونفترض الاتهامات بما أن البراك وهو من يمتلك الأوراق لم يتحدث أو يوجه الاتهامات صراحة عن المعنيين فيها.
منذ ندوة “الإرادة” إياها، كان هامش الحديث عن المستندات سواء من البراك أو أنصاره مرتفعا جدا، وأخد في التراجع شيئا فشيء حتى أصبح شبه معدوم خلال الأشهر القليلة الماضية، وقد يكون هذا نوع من التكتيك أو أن هناك ما استجد لدى فريق البراك حول المستندات، ولكن، وفي جميع الأحوال فإنني أرى أن النيابة العامة بحفظها للبلاغات وما أوردته في بيانها الرسمي فتحت بابا جديدا للنائب السابق البراك للاستمرار في ملف التحويلات إن كان متأكدا من سلامة المستندات التي لديه، وهو باب يمكن البراك من تكليف جهات خارجية مستقلة التحقيق في الموضوع، وهو ما كان وأنصاره وتياره وكتلته يسعون له منذ البداية.
إن كان البراك واثق من مستنداته، فهو الآن يستطيع الذهاب الى المملكة المتحدة وتقديم بلاغ لدى السلطات البريطانية عن تضليل بنك “كوتس” البريطاني لسير تحقيقات قضائية في الكويت، ويرفق في بلاغه ما يملكه من مستندات بالإضافة الى بيان النيابة العامة الكويتية الذي أشار بشكل مباشر لنفي “كوتس البريطاني” وجود تعاملات للقضاة في سجلاته.
ويستطيع البراك الاستعانة بفريق الشيخ أحمد الفهد الذي قام بشيء مماثل كما يدعى بتحريك دعوى في سويسرا حول سلامة “التسجيلات”، أو يستعين بالدكتور فهد الراشد الذي قام منفردا بتوثيق ما لديه من شهادات ومستندات في المحاكم البريطانية لاثبات صحتها ومن ثم تحريك دعوى جنائية في الكويت.
أيا كان النموذج أعلاه، فإن الكرة اليوم في ملعب البراك وحده للتحرك في بريطانيا وتحريك الدعوى – إن كان صادقا فيما يدعيه – ويجعل القضاء البريطاني وليس الكويتي هو الحكم، ويحقق هنا ما كان يبحث عنه من جهة مستقلة تحقق في هذا الأمر .. أعقلها وتوكل بوحمود ..
أما الصمت والسكوت، وكأن كل ما حدث في “الإرادة” وما تلاها من أحداث “كأن لم يكن” فهنا ستكثر علامات الاستفهام حول البراك، وحقيقة تبنيه لقضية بهذا الحجم والاندفاع بها الى صدارة المشهد السياسي بقوة، ومن ثم التراجع عنها وطيها أيضا بقوة.
وفي الأخير .. نتمنى ألا يخرج لنا سيناريو جديد بأن التحويلات المالية للقضاة كانت “كاش” وسلمت لهم في شنط سوداء في مكان ما ..فالاخراج يبدو أنه مهنة رائجة هذه الأيام في الساحة السياسية المحلية .. والله من وراء القصد.
ملاحظة: إن كان الطريق الذي رسمته لا يتحقق قضائيا .. فأتمنى من المحامين والقانونين فقط إبداء الرأي، وسأكون سعيد بنشره هنا.
آخر مقالات الكاتب:
- رسالة الى مسلم البراك .. الكرة في ملعبك
- سمو الرئيس .. صيته
- سعادة جبل واره .. تجنيت واخطيت
- رسالة الى سعادة جبل واره
- أوراق حدس .. خلط متعمد أم أزمة داخلية!
- لهذه الأسباب .. لن أشارك بمسيرة كرامة وطن!
- رئاسة المستشار المرشد سليمة .. شكرا الحربش!
- اردوغان التركي والصنف الكويتي الغريب!
- بوفيصل .. تأخرت كثيرا!
- برنامج “الائتلاف” واشكالية التطبيق والتنفيذ