نبارك خطوات سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك بمحاربة الفساد ودعوته للوزراء بضرورة مكافحة هذه الآفة الدخيلة على المجتمع الكويتي طالبا من اعضاء الحكومة جميعا استحداث الوسائل والادوات الكفيلة لمواجهة مظاهر الفساد ومخالفة الفاسدين سواء من المسؤولين في الجهات الحكومية او المستفيدين من الجهات الاخرى بالتعاون مع وزارة الداخلية.
لا يختلف احد مع توجهات الرئيس، ولكن قضية محاربة الفساد لا تتعلق بالحكومة او رئيسها بل مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحركة المجتمعية وثقافة وتطور المجتمع ومدى التزام افراده بدولة القانون، لدينا بعض التساؤلات التي آمل ان تلقى بعض الصدى لدى المسؤولين للاخذ بها.
كيف يمكن محاربة الفساد ما دامت الدولة هي المهيمن الرئيسي على الاقتصاد وكل مناحي الحياة في الدولة الريعية؟ موظفو الدولة ومعظمهم مواطنون بنسبة تصل الى %90 لا تحاسب الحكومة المقصر منهم او الفاسد او المتغيب عن العمل.. هؤلاء الموظفون يرون انفسهم فوق القانون ولديهم قوة وسطوة على المراجعين من المواطنين والمقيمين فهم يعرقلون مصالح الناس ويتحكمون في مصائرهم وهذه القوة التي منحتها الحكومة لموظفيها جعلتهم يستغلونها لتحقيق مصالحهم.. في السابق كان اللوم دائما يقع على الموظفين الاجانب ولكن اليوم اصبح المواطنون هم اول من يتلذذ بايذاء الآخرين وتسلم الرشاوى من المراجعين دون وخزة ضمير او خوف من العقاب، لماذا؟ التساؤل الثاني: هل الحكومة جادة فعلا في محاربة الفساد؟ اذا كانت فعلا جادة.. لماذا اذن تخضع لرغبات النواب الفاسدين الذين يريدون كسر القوانين وتوظيف ابناء عمومتهم او ابناء قبائلهم او طوائفهم على حساب الكفاءات العلمية والادارية في الدولة؟ ثالثا: الحكومة نفسها ساهمت في نشر وتفشي الفساد بشرائها ذمم بعض النواب للتصويت معها والدليل على ذلك ان بعض نواب مجلس الامة يدخلون فقراء ويخرجون من المجلس ذوي جاه ومال ولديهم ملايين الدنانير وكلها من عطاءات الحكومة للنواب على شكل مناقصات وتوزيع مزارع واراض ومشاريع عليهم.. اخرها فضيحة مزارع الوفرة.
رابعا: عندما ارادت الحكومة تشكيل لجنة خاصة لمحاربة الفساد لماذا لم تضع الأسس والمعايير الواضحة لاختيار المسؤولين على هذه الهيئة المهمة من ذوي العلم والنزاهة والمصداقية وغيرها، لذلك تعرض اعضاء هيئة الفساد والتي تم تشكيلها أخيرا للنقد بسبب سياسة التعيين غير الواضحة والتي تخضع لارضاء نواب مجلس الامة وشراء ذممهم.
خامسا: حتى هذه اللحظة لم نسمع ان موظفاً حكومياً تمت احالته للنيابة او القضاء وتمت معاقبته فعليا كل الذي نسمعه احالتهم للتقاعد او ابعادهم عن الوظيفة دون محاسبة فعلية، ما حدث في التأمينات الاجتماعية اكبر دليل على عجز الحكومة وعدم جديتها.
فالأخ الدكتور فهد الراشد كمواطن حريص على مصلحة وطنه عرض كل المخالفات التي قام بها الرئيس السابق للتأمينات على المسؤولين في الحكومة ومجلس ادارة التأمينات ولم يتحرك احد.. حتى بادر هو شخصيا ومن ماله الخاص برفع قضايا بسويسرا والكويت.. الآن بدأ الاهتمام بما طرحه قبل عدة سنوات.. وقديما قالوا المال السائب يأكله العيار.. فيا حكومة طبقي القانون بحزم وكفانا كلاماً.