استوقفتني جلسة مجلس الأمة الخاصة التي عقدت يوم الخميس بتاريخ 12/ 2/ 2015، إذ فعل مجلس الأمة ولأول مرة بصورة عملية، المادة 84 من قانون ديوان المحاسبة رقم 30 لسنة 1964 والتي تنص على أنه «لمجلس الامة أن يدعو رئيس الديوان لحضور جلساته التي تناقش فيها تقارير الديوان، وان يأذن له بالتحدث والادلاء بوجهة نظره في المسائل محل المناقشة وما تقدمه الحكومة من إجابات أو بيانات بصددها».
وقد ناقش المجلس مجموعة من التقارير المتعلقة بميزانيات والحسابات الختامية للعديد من الجهات الحكومية بما تضمنه من مخالفات وملاحظات، وقد ظلت تلك التقارير والحسابات الختامية معلقة لسنوات عديدة دون أن يذكر عنها شيء، بل حتى لم يتم فتحها وقراءتها، مما يجعل التوجه الجديد لمناقشة تقارير ديوان المحاسبة إعمالا لنص المادة 84 من قانون ديوان المحاسبة وهي خطوة تحسب للمجلس، على الرغم مما نأخذه على هذا المجلس، وهو ما سنذكره أدناه، وبهذه المناسبة لا بد من أن يعطى شخص فعال في ديوان المحاسبة حقه، وهو الأخ عادل الصرعاوي المعروف بجديته وتوجهاته الوطنية وحرصه على الالتزام بالدستور وحماية المال العام، مما عجل في هذه الخطوة غير المسبوقة، وليستمر المجلس والديوان على هذا النهج الفعال والمطلوب.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن الناس ينظرون بعدم الارتياح الى هذا المجلس لسببين رئيسيين أولهما ما يتردد من ان من بين أعضائه عددا ليس بقليل ممن يمارسون أحياناً التكسب المالي في كل أعمالهم التشريعية والرقابية وتحديدا ببعض لجان التحقيق البرلمانية التي زاد عددها مثل غثاء السيل كثرة بلا جدوى ولا ثمرة، اللهم إلا الإسراف غير المبرر بتكوينها. وثانيهما، ان هناك حالة من الاستعجال والارتجال التشريعي، فليس ما ينقص الكويت هو التشريعات بقدر ما ينقص الالتزام بها وتطبيقها، فإذا كانت التشريعات تمر باللجان، خصوصا اللجنة المالية واللجنة التشريعية وغيرهما من اللجان، دون دراسة كافية ولا رصينة للتسابق مع الزمن من أجل اصدارها، فإن مظنة اعتبارية هذه التشريعات وحبكتها التشريعية وحسن بنائها القانوني سيكون مفقودا فستكون هشة ولن تسمن ولن تغني من جوع.
وإذا كنت أعرف أن في المجلس شخصيات وطنية وجادة وحريصة ومن بينها الأخ مرزوق الغانم رئيس المجلس، فاني أتمنى على هذه الشخصيات أن تمسك بزمام الأمور وإعادة ترشيد مسار وحركة المجلس بصورة تعطيه مكانته، فالإنجاز بالكيف وليس بالكم. فكما سن المجلس قانون المحكمة الدستورية، الذي فتح للأفراد الدعوى المباشرة، وكما تمكن من تفعيل المادة 84 من قانون ديوان المحاسبة، فانه بإمكانه أن يقدم ما هو أفضل ويتغلب على مظاهر الفساد لدى بعض النواب ان وجدت ويتخلص من مظاهر الارتجال وعدم الجدية بعمل المجلس.
اللهم إني بلغت.