في الوقت الذي نشر النائب السابق فيصل المسلم عدة تغريدات تنبه النائمين في العسل عن واقعة -من جملة وقائع محزنة غير محددة في بلد من صادها بالأول- عن قضية التحويلات المليونية، وكيف تم، عبر وزارة الخارجية الكويتية وبدون علم وزيرها السابق الشيخ محمد صباح السالم، تحويل عشرات الملايين إلى حسابات خارجية، تحقيقاً لسياسة مستقرة بشراء الولاءات السياسية، وتم في ما بعد طي ملف القضية وانتهينا إلى عدم وجود فاعلين وشركاء لأسباب فنية، كما يقولون، نطالع اليوم خبر اجتماع وفد من البنك الدولي مع عشرين نائباً ليتحفنا بعض هؤلاء النواب بمحاضرة نقد قاسية عن ممارسات البنك وتاريخه الإمبريالي في إخضاع دول العالم النامية لإملاءات الدول الإمبريالية الغربية.
“الرفيق” النائب خالد الجيران تألق في شرح تاريخ البنك كذراع للإمبريالية العالمية وضحيتها الكبرى حين تجسدت في الدول الإسلامية. الحديث النضالي لعدد من “الرفاق” النواب المجتمعين مع وفد البنك لم يخل من تنبيه البنك الإمبريالي بأن معلوماته “المغلوطة” عن الكويت استقاها من منظمة الشفافية العالمية التي عولت على تقارير “… جمعية الشفافية الكويتية، وهي جمعية ذات توجه سياسي معروف انتماؤها للإخوان المسلمين، مستغربين تصنيف الكويت في هذا المركز بمدركات الفساد”، جريدة الجريدة عدد أمس.
شكراً للنواب الرفاق نجوم اليسار الكويتي الجديد المتلحف بعباءة السلطة في ردودهم على ملاحظات البنك الدولي ومؤامرات الإخوان “الكاذبة” في التشهير بالدولة الكويتية بقضايا الفساد، هنا لابد من وقفة تأمل قليلاً في ملاحظة الرئيس مرزوق الغانم بتراجع وضع الكويت في مؤشر مدركات الفساد، وتخلفها عن دول تخلو من المؤسسات الرقابية الحقيقية، وهي وجهة نظر أو اجتهاد، لكنها في النهاية لا يمكن أن تنفي تزايد قضايا الفساد واستغلال النفوذ والتربح من الوظيفة العامة، وغياب العقوبة المستحقة لمثل تلك الجرائم، ولنعد للرفاق المدافعين عن يوتيوبيا الحصافة الكويتية، فهل ننكر اليوم أن قضايا مثل الإيداعات والتحويلات وقبلهما الاستثمارات الخارجية والناقلات وعشرات القضايا “ما تشيلها البعارين ولا تريلات سكس ويل” هي نتائج حتمية لفساد مستوطن في المرافق العامة، وهو الآخر أحد تجليات الحالة الريعية للاقتصاد الكويتي؟
البنك الدولي، لم يقل حديثاً جديداً، ولم يضف معلومة مبهرة حين أكد أن ميزانية الكويت غير طبيعية (ومتى كانت طبيعية؟) وشدد على “أنه إذا استمرت الدولة على نفس النمط في الصرف، في ظل انخفاض أسعار البترول، فستكون هناك مشكلة…” (الجريدة)، أين الغلط في هذه الملاحظة؟ وهل ينكر رفاق المجلس الهدر المتواصل لعوائد النفط لعشرات السنين من قبل الإدارة السياسية، وهم جزء أصيل منها، وتابع لها؟!
كان علينا أن نقرأ ونستمع لمثل تلك الترهات اليوم في وقت يمر الاقتصاد الكويتي بأصعب محنة واختبار، أنا متيقن من فشل معالجته الحالية بسياسات السلطة المترددة، وفي وقت مازال الواعون مبتهرين بحزن لحكاية المئة مليون دينار التي قفزت فجأة لحساب مسؤول التأمينات السابق… أكرمونا بصمتكم.