اقسام كبيرة من الشعب الاردني نددت ولاتزال تندد بالفعل الاجرامي لتنظيم داعش. والذي تجسد في الاعدام حرقا للطيار الاردني الاسير معاذ الكساسبة. والواقع ان هذا رد فعل طبيعي على الجريمة البشعة والسلوك الوحشي الذي لا يتفق وطبيعة انسان القرن الواحد والعشرين. لكن اقساما كبيرة من هذه الاقسام «انتشت» في السابق بالاعمال الاجرامية التي نفذها الارهابيون الذين سبقوا «داعش».
تحديدا، تولى ابو مصعب الزرقاوي- وهو بالمناسبة اردني المولد والجنسية- قيادة عمليات الذبح وقص الرقاب، بل وحتى الحرق في «الفلوجة». طبل وهلل لذلك الكثير من العرب، ومن ضمنهم بالطبع سكان مدينة الزرقاء الاردنية الذين احتفلوا باستشهاد «المجاهد» ابومصعب الزرقاوي.
خليفة الزرقاوي، مخترع الذبح والحرق، وتلميذه النجيب ابو بكر البغدادي هو من امر بحرق شهيد الاردن معاذ الكساسبة. لكن هذه المرة، ولان الضحية عربي او مسلم او اردني تحديدا، فان سكان الزرقاء وبقية مدن بني يعرب انزعجوا واشمأزوا وابدوا غضبا لا وصف له للجريمة البشعة التي ارتكبها من صفقوا وهللوا لهم في السابق، عندما كانت الضحايا من غير العرب ومن غير المسلمين.
هذا يؤكد ما سبق ان بيناه في اكثر من مناسبة. بان الارهاب «معشش» فينا. ليس طارئا وليس نبتا شيطانيا زرعه الغير. وبالتالي فان افضل طريقة ووسيلة لمحاربة هذا الارهاب وقهره، هي في الاعتراف بوجوده ضمننا وداخل انفسنا وهيمنته على عقائدنا وعقولنا، وتسلطه على اعلامنا الذي لا ينفك يحرض ضد الاخرين ويروج لضرورات التصدي للغزاة الاجانب وللاعداء الذين يتربصون بعقيدة امة بني يعرب او محمد او يخططون للسرقة المزعومة لثرواتها وامكاناتها التي لاتتوافر لبقية خلق الله.
الان المطلوب استغلال رد الفعل الجماهيري «الانساني» الغاضب لمصلحة تقليم اظافر الارهاب. وهزيمته في عقر داره، اي في الداخل، داخل ديار بني يعرب وداخل صدورهم ايضا. وليس الاكتفاء بتفعيل او زيادة العمليات العسكرية ضد التنظيم الارهابي، فهذه وفي ظل دعوات ردود الفعل الغاضبة والتنادي بالثارات والانتقاد لن تعمل الا على تقوية وتعزيز النهج «الداعشي» في نفوس بقية بني يعرب.