الإرهاب مرفوض بكل أشكاله وأنواعه، ومهما كانت مبرراته، فإرهاب وترويع الناس الآمنين وربما قتلهم مرفوض جملة وتفصيلاً، ومهما كانت دوافعه، وكائناً من كان فاعله، جماعة، أو تنظيماً، أو دولة. هذا مدخل أساسي حتى لا يتصور البعض أن نقد منظومة مكافحة الإرهاب يعني مساندة الإرهاب والإرهابيين.
إن كان الحال كذلك، وهو كذلك، فإن مسؤولية الجهاز الأمني في حماية الناس من الإرهاب والإرهابيين تصبح حتمية وضرورية، شريطة ألا تتحول مكافحة الإرهاب من فعل مشروع إلى انتهاكات لحقوق الناس، الأبرياء المسالمين، وتنحرف عن تركيزها على مجرمين فعليين إلى مخالفين للنظام يطرحون آراءهم سلمياً.
منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، زادت الدول وتفننت في خلق تشكيلاتها الداخلية والخارجية لمكافحة ما يسمى بالإرهاب، ومن الواضح أن النجاح لذلك المسعى لم يتحقق، فالإرهاب قد ازداد، وضحاياه أشلاؤهم متناثرة في كل مكان، وفي الغالب من يدفع الثمن هم الأبرياء.
لم يحدث في التاريخ الحديث أن تشكلت منظومة دولية “لمكافحة الإرهاب”، كما هو الحال اليوم، ففي الأمم المتحدة هناك ما يزيد على 7 مؤسسات تعمل في هذا المجال، والكثير منها بكفاءة متدنية وتعميمات لا حدود لها. وعلى المستوى الدولي “الموازي” هناك العشرات من الأجسام والمنظمات متفاوتة الفعالية والكفاءة. وعلى مستوى الاتفاقيات هناك ما يزيد على ١٣ اتفاقية أو بروتوكولاً ذات علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالإرهاب، واتفاقيات إقليمية لا حدود لها، ومراكز بحثية تجاوز عددها الـ230 مركزاً متخصصاً كلياً أو جزئياً.
وبالطبع في إطار “زحمة” التصدي للإرهاب، جاءت النتائج مخيبة للآمال، وربما يعود السبب إلى أن الذين يزعمون مكافحة الإرهاب هم ذاتهم يمارسونه، إما فعلياً أو ضمنياً. وأن الذين يريدون التصدي للإرهاب إنما يريدون القضاء على الإرهاب الموجه ضدهم فقط، أما ضد الآخرين فلا مانع من انتعاشه ودعمه. هذه واحدة، أما الثانية فهي أن الذين يتصدون للإرهاب لا يمانعون في انتهاك كرامات الناس الأبرياء، ويعتبرون أن انتهاك تلك الكرامات هو ثمن يستحق أن يدفع، ولذا فإن التصدي للإرهاب سيبقى شعاراً فقط، يتم التضحية فيه بأكباش فداء هنا وهناك.