بعد سنين من الخلافات والتوتر وقطع العلاقات والحظر الاقتصادي، وتصعيد وتيرة التصريحات إلى التهديد بالحرب من قبل الولايات المتحدة ورد الجمهورية الإسلامية بالاستعداد للتصدي لأي عدوان خارجي وتعبئة شعبها لهذه المواجهة التي كانت قريبة جدا حسب تحليلات البعض، تم قبل أيام البدأ تفعيل الإتفاق النووي بين الجمهورية الإسلامية ايران و دول الـ (٥+١)، حيث تم رفع الحظر الإقتصادي عن ايران رسمياً بعد ان اعلنت تلك الدول التزام ايران بما وقعت عليه، فرفع الحظر واستعادت ايران أموالها المجمدة منذ سنوات، وابتعد شبح الحرب عن الواجهة.
وبعد هذا الاتفاق وجلوس ايران وامريكا على طاولة واحدة والتوقيع على ورقة واحدة، انقسم الشارع العام بين من يرى أن إيران انتصرت وبين طرف آخر يرى أن أمريكا هي المنتصرة، وجهل هذان الطرفان أن المنتصر الفعلي هنا هو لغة السلام والدبلوماسية والندية في الحوار التي انتهجتها ايران خلال التفاوض.
فقد ناقش البعض هذا الاتفاق وقيمه بالتنازلات التي دفعها كلا الطرفين، ورأى أن في القادم من الايام ستتغير العلاقة بين هذين البلدين وسيكونان صديقين حميمين بعد سنوات من العداء، خصوصاً بعد أن نجح التيار الإصلاحي في إيران بتمرير هذا الاتفاق ورؤية امريكا الدارجة بأن التيار الإصلاحي “المنفتح” سيحقق لها ما تريد وسيتغير شعار امريكا الشيطان الأكبر الى امريكا حمامة السلام !.
لكن الواقع عكس ذلك تماماً، فمن يحدد السياسة العامة ليس الرئيس او التيار المنتصر في ايران بل المرشد الأعلى، وحسب تصريحات القادة هناك، فإن إيران كانت وما زالت تعتبر أمريكا عدوا حقيقيا ولن تتغير هذه الصورة، وهذا الاتفاق ليس إلا استعادة لحق كانت تطالب فيه ونجحت باستعادته، لكن مخططات أمريكا ومكرها أمور باقية ومستمرة.
ولقد جاء الرد سريعاً في الرسالة الجوابية التي بعث بها الولي الفقيه الإمام الخامنئي للرئيس الإيراني الدكتور الشيخ حسن روحاني وحدد فيها إطار العلاقة مع امريكا بعد الاتفاق وآلية التعامل معها بعد ان هنأه بهذا الإنجاز.
فقد حدد المرشد الأعلى الامام الخامنئي عدة نقاط يبين من خلالها عدم ثقته بالولايات المتحدة الامريكية ومكرها وخداعها وهي كالتالي:
أولاً: يجب الحرص على أن ينفّذ الطرف المقابل جميع تعهداته بشكل كامل، فتصريحات بعض السياسيين الأمريكيين في اليومين الأخيرين تدفع لسوء الظن بشكل كامل.
ثانياً: ليتم تنبيه جميع المسؤولين الحكوميين إلى أن حل المشاكل الإقتصادية للبلاد مرهون بالعمل الدؤوب والمساعي الحثيثة والحكيمة في كافة المجالات في اتجاه تحقيق الإقتصاد المقاوم، ورفع العقوبات منفرداً لا يكفي لتحقيق الإنفراج في اقتصاد البلاد ومعيشة الناس.
ثالثاً: ليتم الإلتفات عند الترويج للإتفاق إلى أنه تمّ دفع أثمان باهظة مقابل ما تمّ الحصول عليه في هذه الصفقة، إن جميع الكتابات والتصريحات التي تُحاول إغفال هذه الحقيقة وتصوير أنّنا مدينون للغرب لا تتعامل بشكل صادق مع الرأي العام.
رابعاً: تم تحقيق هذا الإنجاز في مقابل جبهة الإستكبار والغطرسة نتيجة المقاومة والثبات. يجب علينا أن نتلقّى هذا الأمر كدرس كبير يجب تطبيقه على جميع القضايا والأحداث في الجمهورية الإسلامية.
خامساً: أؤكّد مرّة أخرى على أن لا يُغفل عن خداع الدول المستكبرة خاصة أمريكا ونقضها للعهود في هذه القضية وسائر القضايا الأخرى.
جاءت هذه الكلمات (لتؤكد ان عدم الثقة بأمريكا) بعد سلسلة تصريحات سابقة أكد فيه بأن الاتفاق لن يؤثر على العلاقة وموقف ايران في دعم حركات المقاومة مستمر، ولن يغير من صورة أمريكا الدموية في إيران شئ، وما زال شعار “الموت لأمريكا” يصدع من حناجر ابناء الشعب الايراني لإدراكهم بأن السياسة الأمريكية هي هي حتى لو آثرت أسلوب اللين في هذه الفترة.