لو وضعت أحوال الأمم والدول في كتاب نقلب صفحاته حتى نصل إلى صفحة الكويت، لاستوقفتنا الظواهر التالية:
– وزراء لا تهمهم شؤون البلد ولا القضايا الأساسية في وزاراتهم، جل اهتمامهم وأثمن أوقاتهم تذهب سدى في صغائر الأمور، وربما في توافهها، ومن ذلك تجد الوزير يتابع تعيين فلان أو ترقية علان أو نقل ثالث أو تمرير مخالفة بناء لعمرو من الناس أو إصدار رخصة قيادة لسائق أجنبي، أو ترخيص مخيم بهذا البر أو ذاك، أو متابعة حضور موظف أو غيابه. أما انخفاض أسعار النفط، وانهيارات البورصة وتدهور أداء وزارته وزيادة إنفاقاتها أو خسارة أو ربح الشركة التابعة لمسؤوليته أو توقف مشروعات حيوية أو سياسات الصحة أو التعليم أو الأمن أو الاقتصاد، فإنها أمور لا تهمه ولا تشغله ولا يلقي لها بالا، وهو انعكاس لسياسات عليا لا تكترث بأن البلد على قائمة الدول التي يتفشى فيها الفساد، وفي ذيل قائمة الدول التي يتدنى فيها التعليم وتتدهور فيها التنمية، وأكثر الدول التي تتعرقل فيها المشاريع، وهي ترسخ ثقافة اللامبالاة التي ضيّعت البلد.
– فالموظف لا يهتم بحضوره للعمل وإنتاجيته فيه، لأنه لا يقيّم على أداء، بل الفاشل وغير المنتج والمتغيب تتم ترقيته، بل ويعين بمناصب عليا مثل وكيل وزارة أو وكيل وزارة مساعد أو مدير عام أو نائب له في مؤسسة عامة أو عضو بمجلس إدارة شركة حكومية، فلماذا يعمل الموظف إذا كانت سياسات الثواب والعقاب مفقودة.
– والطالب يرغب بالقبول، وهو ليست لديه مؤهلات القبول، فيتم قبوله بالواسطة، يتعثر بدراسته فيتم تنجيحه بالواسطة، يكلف بالواجبات والأعمال فلا يعرف كيف يقوم بذلك، وهناك من يقوم بإتمام ذلك بدلا منه وتمر أموره الدراسية هكذا، فيتربى على سلوك اللامسؤولية وتتزايد مظاهر اللامبالاة لدى المعلم ولدى الأب ولدى الطالب، فينهار التعليم ويضيع المجتمع.
سياسة اللامبالاة متفشية في المجتمع بصورة مؤرقة، حتى لدى من تعتقد أنه من الجادين والمصلحين، إذ سرعان ما تفاجأ بأنه وهو في موقع المسؤولية يبرر أعمالا ويرتكب مخالفات ويمرر تجاوزات لمن هو أعلى بمستوى القرار أو الأهل أو الأصدقاء، حتى لو عطل مثل ذلك الامر قانونا نافذا أو كسر قرارا ساريا أو تجاوز سياسة مقرة أو أوجد استثناء فجّا، فهو لا يبالي، ولا عزاء لبلد ضيّعته ثقافة اللامبالاة.