أحوال العالم الاقتصادية سيئة، ودول مجلس التعاون أكثر سوءاً وتضرراً بسبب “التخمة” النفطية في الأسواق العالمية، فأكثر من مليون برميل نفطي زائد عن حاجة الأسواق يضخ يومياً. مسؤول اقتصادي في جامعة أميركية قال إن التخمة سببها “شيل وشيخ” (نيويورك تايمز عدد الجمعة)، شيل هو النفط الصخري أو الحجري الذي حول الولايات المتحدة من مستورد للنفط إلى مصدر له، بينما الجماعة كانوا نائمين في العسل، وشيخ يرمز للأنظمة في دولنا التي أخذت تضخ بكل ما تملك لتحافظ على حصصها بالسوق، وتسدد متطلباتها، والنتيجة كارثة في أسعار النفط، ويبدو بالتبعية، ومع تضاؤل معدل النمو في الصين، هناك بوادر أزمة اقتصادية خانقة تلوح في الأفق.
افتحوا أي جريدة أجنبية جادة، أي ليست من الجرائد التي تنتفخ صفحاتها بالإعلانات الملونة مع صورة شيخ يفتتح أي شيء لأي مناسبة، يسلم ويتسلم درعاً أو كتاباً من مواطن يبتسم بسعادة أو ببلاهة لتلك الصورة التذكارية التي قد تضيف وهماً إلى رصيد حيثياته الاجتماعية… سنجد أن المانشيتات والمقالات والتحليلات تتكلم عن أزمة الاقتصاد في العالم، وما قد تؤول إليه أوضاعنا في الخليج اقتصادياً وأمنياً، طبعاً مثل تلك المسائل ممنوع نشرها أو حتى التحدث عنها في إعلام “نحن أبخص وخليكم في الظلام”.
أسئلة من شاكلة كيف تفكر الحكومة مع مجلس البصم التشريعي؟ وماذا تنوي أن تفعل؟ تفرض نفسها. حتى هذه اللحظة لا أجد أي تفكير أصيل هنا لمواجهة الكارثة التي ستكبر يوماً بعد يوم، غير تصريحات خاوية لمسؤولين في السلطتين، تتردد بأنه لا مساس لدخول المواطنين، وقلصوا من مصاريف الوزراء، وبالتالي سنوفر المليارات التي ستنقذنا من السقوط للهاوية…! منطق ساذج، وإبر مخدرة تلهينا عن المأساة.
وقف الهدر الحكومي، وإنفاق الوجاهات والقروض وغيرها من أبواب “دبلوماسية الدينار” قضايا ضرورية لكنها في النهاية ليست الحل، طالما ظل الوعي بحجم الأزمة مغيباً عند الكثيرين من جيوش “الحمد لله مو ناقصنا شي”، وطالما ظلت السلطة تتجنب مواجهة الواقع وتخشى التحدث عنه بشفافية وصراحة مع الناس، وطالما ظل المسؤولون هم المسؤولين بداية ونهاية لا يتغيرون ولا يتبدلون، أزمة كبيرة تتطلب فكراً جديداً، تتطلب قادة رأي وحزم وليسوا ساسة للترضيات ومروجي الأوهام… الأزمة تتطلب التضحية بالكثير من الكبير قبل الصغير، ومن أهل السلطة قبل بقية خلق الله.
انطباعي العام وحدسي، أن الأزمة لم تستوعب لا من الكبار ولا من الصغار، وهنا سننتقل من وضع “الأزمة” إلى وضع الكارثة، فماذا يمكنكم أن ترددوا غير عبارة “الله يستر”؟