“الشيعة يقاطعون الجلسات” كان هذا عنوان هذه الجريدة قبل ثلاثة أيام، صبيحة مقاطعة النواب الشيعة لجلسة البرلمان. وكون هذه الجريدة، بالذات، تكتب عنواناً بهذا الوضوح والقوة، فهذا يُسقط سلاح الطائفية من أيدي هؤلاء النواب، الذين لطالما رفعوه في وجوه من يتهمهم بها. ولا أظن أن أحداً سيصدقهم إنْ هم اتهموا جريدة “الجريدة” بهذه التهمة.
هذا الكلام ليس دفاعاً عن هذه الجريدة، بقدر ما يكشف إلى أي نقطة وصلت الغضبة الكويتية على التصرفات الطائفية، والمظلومية الكاذبة، المبتزة، ومحاولة استخدام طائفة كاملة كدرع واقٍ للصدمات، وقفاز يخفي البصمات… إلى درجة أن جريدة “الجريدة”، المعروفة بليبراليتها، تكتب مانشيتاً بهذه الصياغة.
عموماً، لنعد إلى لب الموضوع، حيث اختلف الرواة والمنجمون حول أسباب المقاطعة، هل هي ردة فعل على الأحكام الصادرة في حق أعضاء خلية حزب الله الإرهابية (يدلعونها: خلية العبدلي)، أم لتجنب النقاش عن الوضع الإقليمي في المجلس؟ وأظن أنها كارثة من الجهتين، فإن كان الغياب لتبيان ردات أفعالهم تجاه الأحكام القضائية، فهي مصيبة، وإن كان لتجنب النقاش عن الوضع الإقليمي فالمصيبة أعظم.
مقاطعة جلسات المجلس (لن أنسى التذكير بعدم اعترافي به رغم أنه أمر واقع) أقول مقاطعة جلسات المجلس كردة فعل على الأحكام القضائية ليست نوعاً من الخيانة، بل هي الخيانة بشحمها ولحمها، فبدلاً من الوقوف في صف بلدهم ضد الأطماع الخارجية، نجدهم يغضبون لإدانة العملاء والخونة الإرهابيين، بكل وضوح ووقاحة سياسية ووطنية، أما إن كانت مقاطعتهم للجلسات بسبب موقفهم في الشأن الإقليمي، فهذا دليل على أن المجلس لا يخنق حريات المواطنين فحسب، بل يخنق حريات نوابه أيضاً، ويكشف، وهذا الأهم، كيف تغلغلت إيران في أهم مؤسسة في الكويت.
وأرى أن علينا أن نوقف المجاملات، ونمزق ورقتها، ونرميها في الحاوية، ونتحدث بصوت مسموع، شديد الوضوح، كي نوقف الانحدار نحو الطائفية السافرة، كما في العراق، فنعلن أنه: رغم مخاوفنا من اختطاف إيران للقرار الشيعي السياسي في الكويت، فإن هناك أصواتاً، تنتمي إلى المذهب الشيعي، ما زالت تبث في الأجواء أنفاساً وطنية شامخة، نراهن على ثباتها ونجاحها في إثبات أن الشيعة هنا هم “شيعة الكويت” لا “أتباع إيران”.