أي نوع من الأعداء هؤلاء الذين نقف في مواجهتهم؟ أي نوع من البشر هؤلاء؟ من أي طينٍ خُلِقوا؟
لا أتحدث عن الذين يفرحون بقصف المدنيين في سوريا أو غيرها، ولا أتحدث عن الروس وطائراتهم وفرقاطاتهم، ولا عن إيران واستخباراتها وقاسم سليمانيها، بل عن كائنات عربية تحمل من الحقد والخسة في قلوبها ما لا يخطر على قلب بشر.
أتحدث عن أولئك الذين يتضاحكون على الجوعى في مضايا السورية المحاصرة، وينشرون صوراً لهم جلوساً أمام موائد ملأى من الأطعمة البحرية والبرية والخضراوات وما لذ وطاب من الشراب، من باب الشماتة والتشفي!
أجزم أن صور الهياكل العظمية، المنتشرة في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، تُبكي الضباع، وهي ضباع، وأبصم على أن صور هياكل الأطفال، وضلوعهم البارزة، تحرك ضمائر العقبان، وتجعلها تغادر الموقع وهي تحوقل وتلعن معدومي الضمائر، فمن أين أتى هؤلاء «البشر» بالنفسية الشامتة الساخرة المتشفية؟
الحياة تكشف لنا كل يوم نوعية البشر، وتنزع أقنعتهم، بمن فيهم كبار الساسة في الدول الغربية، الذين لا يختليفون كثيراً عن أولئك الشامتين والمتشفين بالموتى جوعاً، إذ يحمون السفاحين، ويضيعون الوقت في المفاوضات والنقاش والتفاصيل الصغيرة، بينما الدقائق والثواني تلتهم سكان مضايا.
وصدق من قال إن الصهاينة حاصروا غزة لسنوات، لكن أحداً من أهل غزة لم يمت، في حين تُحاصر مضايا لأيام، فتساقط الناس موتاً لشدة الجوع، وهو ما يؤكد المؤكد، ويثبت بأن الصهاينة، رغم صهيونيتهم، أرحم من هؤلاء وأكثر إنسانية وشفقة.
آخر مقالات الكاتب:
- المسيحيتان وضحة وفوزية
- مضار الديمقراطية… والعياذ بالله
- يا لثارات آل البيت
- جمعان الحربش ومراجعة حساباته
- مساعد الرشيدي… ذهب بعض الشعر
- صفات الشعوب العربية وCNN الباهتة
- قناة الجزيرة ووظيفة القبعة
- شعبنا الدلوع
- الفورد والنيسان والبيجو… تكفي وتزيد
- الكويتيون والسعوديون والعراقيون… والجنة
