«عندما نكون بكل هذا التخلف، فمن السخف الاعتقاد بتآمر الآخرين علينا»!
***
لا يقصد بهذا المقال جلد الذات او التقليل من قيمة أنفسنا، بل لكي نبين مدى هوان حالنا وشديد تخلفنا، مع طول «لساننا وقوة عيوننا»، وحاجتنا الماسة لفعل شيء ما. فقد بلغت كامل أوضاعنا الدرك الأسفل، مقارنة بما وصل إليه الغرب، ودول كثيرة أخرى في الشرق، من تقدم وسلام وازدهار! وبالرغم من أن وضعنا البائس يشبه وضع دول كثيرة في افريقيا وآسيا، فإن الفرق أن هذه الأخيرة عرفت تواضع قدراتها، فكفت يدها عن إيذاء غيرها، إلا أننا، بالرغم من تخلفنا، لم نتردد في «تصدير سيئ أفكارنا» وخلافاتنا الدينية، التي طالما مزقت أوصالنا، لكل دول العالم، وإغراقها بمهاجرينا، بغية غزوها تاليا بمعتقداتنا، واخضاعها لشرائعنا، بحد السيف او بغيره، حتى أصبحنا من أكبر مصدري الشر والخراب في العالم!
ما أود قوله، وما قاله الكثيرون غيري، الذي يجب أن يقال، وبصوت مرتفع، بأن وضع العرب، والمسلمين عموما، لا يدعوا للأسف، بل للبكاء. فالتخلف مرعب وعميق. وما يفصل المسلمين عن الغرب في القوة البشرية ونوعية ومستويات المؤسسات التعليمية والصحية، وفي مجال حقوق الإنسان والحريات، وفي القوة العسكرية والعلمية الرهيبة أمر لا يصدق، والهوة المعرفية بين العالمين في اتساع متزايد مع مرور كل دقيقة، فالغرب يتحكم اليوم في الإنترنت والجي بي اس، وفي الطب، علاجا ودواء، وفي المواصلات وفي إنتاج الأسلحة الفتاكة والقنابل النووية ووسائل النقل، وتكنولوجيا استخراج النفط، وحتى في الآداب والفنون كافة، ولم يترك لنا مجالا نبدع فيها غير التخريب وحرق وسفك دماء بعضنا بعضا، وغالبا للأسباب نفسها وبالقوة نفسها!
والمؤلم، فوق كل ذلك، جهل الكثيرين منا بأن فقرنا التكنولوجي يعني بكل بساطة عجزنا عن حماية منشآتنا الحيوية. فليس سرا ان بإمكان اي دولة متقدمة، بما في ذلك إسرائيل، تخريب كامل الكمبيوترات التي تدير محطات مياه شربنا وكهربائنا، وإرباك كامل حركتنا الملاحية، الجوية والبحرية، هذا غير وقف كامل عمل صناعاتنا النفطية وغيرها، وبالتالي لا أمل لنا تقريبا في الخروج من الحفرة العميقة التي نحن فيها، وكل ما نستطيع فعله ربما هو وقف السفهاء منا من التعدي، بالقول أو الفعل، على قيم الغير ومثلهم وأمنهم وسلامتهم، بحجة الرغبة في «هدايته» لسواء السبيل، فهذه الحماسة في «هداية الآخر» جرت، وستجر علينا الوبال حتما، وستكون ردود فعل الآخر غير متوقعة أبداً!