يبدو أن تعاسة المناخ العام، والعيش تحت قبة التخبُّط، وتهميش مكانته وحقوقه، هي الضريبة الوحيدة الملزم بتسديدها المواطن الكويتي، نتيجة عيشه في هذا البلد.
فاليوم، إلى جانب توجه الحكومة لفرض بوليسيتها وسيطرتها على المواطن، دقت الطبول وأسدلت الستار عن كارثة جديدة، ومشكلة متجهة للإضرار بجيوب المواطن «الغلبان» بصورة يتهيأ لأي شخص أن هذا الجيب مملوء بالكنوز مع كل تعبئة وقود، وهو في الحقيقة لا يقوى على الصمود حتى الربع الأخير من الشهر، الذي تكثر فيه ظاهرة تدلي الألسنة، وتحوُّل حوائط دورات المياه إلى حوائط عد، يحسب بها بترقب وقت نزول «المعاش» القادم، وهذا كله قبل أن تصرح الدولة بالعجز.
لكن لو أردنا الحديث بجدية أكبر حول هذا العجز، سنصطدم مع كمّ هائل من علامات الاستفهام، التي تحوم حول النهج المعلن اتباعه لانتشال البلد من هذه المشكلة، المعنون بالمواطن، ولا شيء آخر غيره، هذا على اعتبار أن طبقة التجار فصيل استثنائي خارج حسبة المواطنين، من أمثالي وأمثال أغلب الغلابة في هذا البلد، حيث إنها أعلنت رفع الدعم عن البنزين، وتحميل المواطن فائدة القرض الإسكاني، الذي لا يلبث في الخزينة، حتى يصرف بالكامل على مواد بناء فاحشة الغلاء، كذلك تخفيض بدل الإيجار، الذي لا يوفي لدفع ربع قيمة إيجار أصغر شقة، وتخفيض السلع من المنتجات التموينية، التي تعد الملاذ الوحيد للمواطن من جشع التجار والتلاعب المستمر بأسعار السلع في الجمعيات التعاونية، وعلى المدى البعيد سيطول «الترشيد»، كما تسميه الحكومة، فواتير الكهرباء والماء.
ومن هنا، يتبيَّن لنا، من خلال مثل هذه السياسات وطريقة تعامل الحكومة مع ما تدعيه من عجز، هو في حقيقته تأكيد لنا على تمسكها بكل فاسد ومفسد في هذا البلد، بل إنها لا تريد حتى التفكير في معالجة المشكلة، لأن من يُرد معالجة كارثة كهذه، فعليه أن يتجه بداية إلى رفع دعم البنزين والكهرباء والماء عن الشركات الكبرى التي لا تدر على البلد أي مبالغ تذكر، وتفرض عليها الضرائب، وتحارب الفساد السياسي، الذي يعد أحد أكبر عوامل هدر المال العام، و»تعترف» بالقانون، الذي يجرم السرقات والمناقصات غير المشروعة وتفعله، فمن غير المعقول أن يُحمل المواطن البسيط أخطاء لم يقترفها، وأن يُطلب منه التكيُّف مع هذا العجز، الذي لا دخل له في افتعاله، وكأنه كارثة طبيعية.
المطلوب اليوم من الحكومة، التحلي بشيء من الشجاعة والجرأة، وإخراج نفسها من دائرة حراسة المال الخاص والملكيات الخاصة، والوقوف إلى جانب المواطن ودعمه، فالتاريخ مليء بالشواهد، فـ «مال الدولة لا يكون إلا لمواطنيها».