قدَّمت شركة الاتصالات السعودية عرض شراء لجميع اسهم شركة فيفا للاتصالات، بسعر دينار للسهم الواحد. وقد استعانت الشركة بمستشارين لتقدير سعر عادل وعرضه على المساهمين. وبعدها اجتمع اعضاء مجلس ادارة شركة فيفا وقرروا التوصية برفض العرض، بسبب ان السعر غير عادل. ثم أصدرت شركة الاتصالات السعودية بياناً صحافياً تصرّ فيه على أن السعر عادل، ولن يتم تغييره، وذكّرت بالعلاقة الوثيقة بين الشركتين.
السؤال: هو ما السعر العادل؟ وكيف تم تقييمه؟ وما الخطوات المقبلة؟ وكيف يتم رفع السعر من دون تغيير العائد المتوقع على الاستثمار؟
تحدث صفقات الاستحواذات في كل أسواق العالم. وتعتبر هذه الصفقات مؤشرا صحيا على نشاط وحيوية أسواق المال. وتشهد عادةً القطاعات التي تمر بمرحلة نضوج او انحدار في المبيعات كثيراً من صفقات الاستحواذات لخلق كيانات اقوى مالياً. ويتم توفير العديد من المهمات والوظائف المشتركة بين الشركات المندمجة، مما يعود بالنفع على المساهمين في الشركتين. وبسبب انخفاض اسعار النفط بدأت صفقات الدمج تتسارع بين شركات القطاع النفطي في الولايات المتحدة. وقامت أخيراً شركات الاتصالات في العالم والخليج باتخاذ خطوات سريعة للدمج والاستحواذ، وذلك بسبب صعوبة البيئة التشغيلية والمنافسة الشرسة.
وتقوم صفقات الاستحواذ على أساس تقديم عروض اسعار عادلة تستند الى اسعار السوق او اسعار الصفقات المشابهة. وينظر المستثمر العادي الى مضاعف الربحية P/E للتقييم والمقارنة. وهو يعتمد حاصل قسمة قيمة الشركة على الربح الصافي. لكن في صفقات الاستحواذ يتم النظر الى مجموع قيمة اسهم الشركة والديون مقسّماً على الأرباح التشغيلية EV/EBITDA. وسوف نسمي هذا الرقم مضاعف التشغيل. لذلك يقوم مستشاري الصفقات باستخدام هذا الرقم للتفاوض والوصول الى تقييم اشمل ويأخذ بالحسبان الاعباء التمويلية التي تحملها الشركة المستحوذة.
وبالنظر الى الشركات المشابهة نجد ان المضاعف التشغيلي هو في حدود EV/EBITDA 4 وفق السعر المقدم من شركة الاتصالات السعودية للاستحواذ على شركة فيفا. ويعتبر ثاني اقل تقييم بعد شركة الوطنية للاتصالات (أوريدو) مقارنة بشركات الاتصالات الخليجية. وتم شراء شركة الاتصالات الوطنية بمضاعف 5.7. والنطاق هو بين 10 و3.5 وفق تقرير محرر الاتصالات في القبس المنشور في 4 يناير. ووفق التقرير نفسه تتداول 7 شركات بين مضاعف 7 و4 مرات.
وبشكل عام، يعتمد التقييم وعرض السعر على نطاق وليس سعرا واحدا. والسبب هو طبيعة الحسابات التقديرية والمستقبلية. ومن الصعب اعتماد سعر واحد ثابت وتحديد التقييم بدقة كبيرة. لذلك من المرجح ان يكون السعر المبدئي المعروض للاستحواذ على فيفا هو بالجانب الأدنى للتقييم. ونشرت شركتا كامكو والوطني كابيتال تقييما بين 1.100 و 1.080 خلال الصيف الماضي. لذلك يكون هناك مجال لتقديم سعر اعلى من السعر المبدئي. ويسعى مجلس ادارة فيفا الحصول على افضل سعر ممكن للمساهمين. لذلك قدموا التوصية برفض السعر الحالي. ومن واقع المفاوضات في الصفقات المشابهة، تشير الاحتمالات الى قيام شركة الاتصالات السعودية برفع السعر بشكل محدود لإتمام الصفقة، بسبب ان الأسعار تقديرية.
والسؤال الأخير هو: كيف تستطيع الاتصالات السعودية رفع السعر لتحقيق اهداف مساهمي فيفا، وفي نفس الوقت عدم تغيير تكلفة الاستحواذ الإجمالية؟ الحل هو باستخدام ديون خارجية لإتمام الصفقة، حيث صرحت شركة الاتصالات السعودية بأنها سوف تقوم بتمويل كامل الصفقة من الارصدة الذاتية ومن دون استخدام الديون عند عرض السعر الحالي. وإصدار الديون سوف يقلل من تكلفة رأس المال المستخدم، مما يتيح رفع السعر وفي نفس الوقت عدم تغيير العائد المتوقع لشركة الاتصالات السعودية. لذلك؛ سوف يكون رفع السعر بشكل محدود باستخدام ديون خارجية الحل الأمثل والمناسب لجميع الأطراف.
آخر مقالات الكاتب:
- مجموعة الشايع نموذج نجاح كويتي.. عالمي
- إدارة الأموال العامة وضبط المصروفات
- ملاحظات على إدارة الدين العام
- تطبيق دعم العمالة على جميع الشركات المحلية
- كيف ندمر ٣٠ ألف فرصة عمل؟!
- اقتراحات إضافية لمشروع قانون الإعسار والإفلاس
- كيف نخلق 25 ألف فرصة عمل سنوياً؟
- «من شراك باعك»
- هذه هي تحديات الكويت الاقتصادية
- وقع المحظور الذي حذَّرنا منه