قد منّ الله جل جلاله علي بالدراسة في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت، بعد تخرجي من المعهد الديني عام 1996، وكنت السابع على الكويتيين في المعاهد الدينية بفضل الله، وذلك بعد ان تركت الدراسة والتحقت بالسلك العسكري ثم عدت إلى الدراسة بنظام المنازل عام 1993، وبفضله سبحانه أيضا أتممت دراستي الجامعية في الشريعة، ثم أكملت الماجستير في الحديث وعلومه في نفس الكلية ولله المنة، قضيت في المرحلة الجامعية أربع سنوات، ومرحلة الماجستير ثلاث سنوات، وفصل بينهما أربع من السنين كانت بمنزلة الاستراحة، في هذه السنوات السبع التي قضيتها بين أروقة الكلية رأيت فيها العجائب الكثيرة والكبيرة، من تحزبات وانتماءات، وحروب شرسة بين التيارات، وتلكم الآراء المنحرفة فقهيا أو عقديا أو منهجيا، والتي وصلت بعضها إلى حد تكفير جمع من المسلمين بغير حق، وهي وإن كانت قليلة إلا أنها كانت تؤثر على شريحة من الطلبة، وقد عاصرت في تلك الفترات عددا من العمداء والعمداء المساعدين، ولاحظت كيف تتأثر الكلية بعميدها، من النواحي الشخصية والفكرية، وأدركنا الفرق بين من تكون الكلية عنده أولوية يترك من أجلها كثيرا من أعماله الأخرى، وبين من يتخذها وجاهة ولقبا يضيفه إلى ألقابه التي يحب أن يسطرها في سيرته الذاتية، وكذلك من يسخر جهوده لفرض توجهه الفكري أوالعقدي أوالحزبي على الكلية، من هنا ندرك خطورة القرار المرتقب لاختيار عميد هذه الكلية القادم، خصوصا مع ما نسمع عنه من تدخلات وضغوطات يمارسها سياسيون وتيارات على أصحاب هذا القرار.
وإن من مصلحة الكلية أن يتم اختيار عميد متفرغ لها، يهتم بالعمل أكثر من التصريحات، ويبتعد بهذه الكلية الشرعية عن عالم السياسة وصراعاتها، ويجنبها الأفكار التكفيرية والضالة، ولابد أن يكون سجله العلمي ناصعا بعيدا عن الشبهات، فقد قرأت قبل فترة خبرا نشرته إحدى الخدمات الإخبارية في مواقع التواصل، يفيد بأن أحد عمداء الكلية السابقين كانت نسبته في الثانوية أقل من 47%، وليس لديه تسلسل أكاديمي، ومعدله الجامعي جيد، فإن كان هذا الخبر صحيحا فهو سابقة نتمنى ألا تتكرر.
إن عمادة كلية الشريعة ليست أمرا مختصا بالكلية فقط، بل هو متعلق بأمن البلد ومصلحته، فهذه الكلية المباركة يتخرج منها أئمة المساجد والخطباء والمعلمون وحملة العلم الشرعي، الذين يثق بهم الكثير لتخرجهم من هذه الكلية، وسيتأثرون بأطروحاتهم الفكرية، لذا فإني أذكركم الله جل جلاله يا من ستتخذون هذا القرار، فأنتم مسؤولون أمام الله جل جلاله عنه، قبل مسؤوليتكم أمام القيادة والشعب، والله الموفق.