مع بداية كل عام جديد، الكل يتمنى أن يكون هذا العام مزدهرا بالخير سواء على المستوى الشخصي او المستوى العام، وها نحن اليوم نعيش بداية عام جديد ٢٠١٦ ونتمنى ان يكون عاما ينهض به السلام والأمن والأمان في العالم وتحديدا في الشرق الاوسط الذي يعاني ويلات من سفك الدماء والدمار والارهاب على مدى خمس سنوات متتالية.
في نهاية عام ٢٠١٠ كانت بداية ما يسمى بثورات الربيع العربي (الدموي)، واشتدت الازمة واشتعلت الادوات البشرية والحزبية في ٢٠١١، وقفزت دمويتها وخرجت عن نطاق شعاراتها السلمية في ٢٠١٢، وانكشفت مخططاتها الصهيونية التي استغلت مطالب الناس التي تمس معيشتهم وادخلت الفوضى على الخط في ٢٠١٣، وأعلنت لعبة التحالفات الاقليمية بقوة وبنفس الوقت تمكن الارهاب من ضرب الابرياء في دول مختلفة في ٢٠١٤ واستمرت الضربات الارهابية تتجول بين دول العالم، وبدأ التحدي الأميركي ـ الروسي على طاولة الحوارات لعدة جولات ومن ثم انتقل ميدانيا على ساحة المعركة مع حلفائهما في ٢٠١٥ كلاهما يلعبان لمصلحتهما، فماذا سنرى في عامنا الجديد ٢٠١٦؟!
هل سينطبق على هذا العام مقولة «اشتدي يا أزمة تنفرجي»؟! الازمات في الشرق الوسط اشتدت الى اعلى حد وبات هذا الأمر لا يطلق لطالما الدم هو عنوان المرحلة الراهنة، ومع ذلك لم نر أي انفراج حقيقي وملموس يبعث فينا الأمل لنرى السلام والأمن والأمان يسود المنطقة بعيدا عن مخططات جديدة.
بما أنني من انصار التفاؤل فأعتقد أن عام ٢٠١٦ سيكون بداية انطلاقة لحل الازمات الراهنة في الشرق الاوسط عن طريق الحوار الذي سينتهي بين الدول الكبرى وحلفائهم على التسوية الشاملة على مراحل قد تستمر لعامين خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية وهي الملف الأهم على المستوى الدولي.
لابد ان ندرك في نهاية المطاف ان الدول الكبرى دائما ما ينظرون لمبدأ الفوز والخسارة في اي حرب يدخلونها، وعلى هذا المبدأ الكل منهم يسعى الى الخروج منها منتصرا مع تحقيق بعض المصالح، وهنا تكمن حقيقة القصة في أن الأزمة اشتدت من دون فوز اي قطب منهم حتى هذه اللحظة، وهذا ما يزيد الأمور اكثر تعقيدا، وقد يتسبب في خسارة الكل اذا طال الوقت واكثر من خمس سنوات يعني فقد السيطرة على الوضع، وهذا يفهمونه جيدا وتاريخ التدخلات والحروب يشهد بذلك، لذا سيرون التسوية مع وجود بعض التنازلات مع تحقيق المصالح المشتركة هي الأهم والأنسب لهم.
ماذا يعني اتفاق الاقطاب الدولية في ازمة الشرق الاوسط والتي ستشهد تحركا كبيرا في هذا العام؟! يعني ان الحديث والدعوة الى التقسيم في بعض الدول سيكون حاضرا بشدة وسيصبح واقعا ومعظم المتخاصمين سيخضعون لمرحلته، خاصة أن هذه الازمة خلقت حالة رفض في التعايش السلمي بين اطراف الصراع لاسيما بعدما سقطوا في وحل الفتنة الطائفية، وللاسف بلعوا الطعم المخطط لهم بسنارة التشدد الديني، وما يسمى بتنظيم داعش سينتهي وما يبقى منه ألا اسمه وعناصره سيتشردون في بقايا الدول على اعتبار انهم ادوات انتهت صلاحيتها ولكن سيكونون خطرا على دولهم في حال عودتهم، ومع نهاية هذا السيناريو ستبقى الدول العظمى تبحر بين امواج مصالحها في دول الصراع، وستزداد حلقة الفتن الطائفية على اعتبار انها تراكمات قذرة لن تنتهي مع نهاية الأزمة.